. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: «قُلْنَا» ، أَيِ: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْبَحْثَ فِي الْعَامِّ الْمَذْكُورِ لَفْظِيٌّ لُغَوِيٌّ، بَلْ هُوَ حُكْمِيٌّ عَقْلِيٌّ، أَيِ: النَّظَرُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ، فَإِنَّ النِّزَاعَ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً بَعْدَ التَّخْصِيصِ وَهُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعَامِّ لَا لَفْظٌ مِنْ أَلْفَاظِهِ، وَيُتَوَصَّلُ إِلَيْهِ بِالْعَقْلِ بِوَاسِطَةِ مُقَدِّمَاتٍ لُغَوِيَّةٍ، أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، «وَإِلَّا» أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْبَحْثُ هَاهُنَا حُكْمًا عَقْلِيًّا، بَلْ لَفْظِيًّا لُغَوِيًّا كَمَا زَعَمْتُمْ ; «فَعَمَّنْ نُقِلَ مِنَ الْعَرَبِ» أَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ مَجَازٌ كَمَا زَعَمْتُمْ، أَوْ فِي أَيِّ دَوَاوِينِ اللُّغَةِ هُوَ؟ فَإِنَّ مَنْ يَدَّعِي فِي اللُّغَةِ شَيْئًا لَا بُدَّ أَنْ يَنْقِلَهُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَوْ يَعْزُوَهُ إِلَى دَوَاوِينِهِمْ، وَمَا لَا يَتَلَقَّى عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَدَوَاوِينِهَا لَا يَكُونُ مِنْهَا فِي شَيْءٍ. نَعَمْ، الْكَلَامُ يَشْتَمِلُ عَلَى لَفْظٍ وَمَعْنًى ; فَحَظُّ اللُّغَوِيِّ النَّظَرُ فِي أَلْفَاظِهِ بِبَيَانِ مَا وُضِعَتْ لَهُ، كَقَوْلِهِ: الْعُمُومُ: الشُّمُولُ، وَالْعَامُّ: الشَّامِلُ، وَالتَّخْصِيصُ: تَمْيِيزُ شَيْءٍ عَمَّا شَارَكَهُ بِحُكْمٍ، وَحَظُّ النَّحْوِيِّ بَيَانُ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْحَرَكَاتِ اللَّاحِقَةِ لِآخِرِهِ إِعْرَابًا أَوْ بِنَاءً، وَحَظُّ التَّصْرِيفِيِّ بَيَانُ وَزْنِهِ، وَصَحِيحِهِ مِنْ مُعْتَلِّهِ، وَأَصْلِهِ مِنْ زَائِدِهِ أَوْ بَدَلِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ.
أَمَّا كَوْنُ الْعَامِّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ حُجَّةً أَوْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، أَوْ حَقِيقَةً، أَوْ مَجَازًا ; فَهَذَا لَيْسَ حَظَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، بَلْ حَظُّ الْأُصُولِيِّ، وَالْأُصُولِيُّ مَوْضُوعُ عَمَلِهِ الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي الْأَلْفَاظِ بِطَرِيقِ الْعَرَضِ فِي مَبَادِئِ الْأُصُولِ، كَمَا سَبَقَ فِي اللُّغَاتِ ; فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْبَحْثَ فِي مَسْأَلَةِ النِّزَاعِ حُكْمِيٌّ عَقْلِيٌّ، وَأَنَّ مَا قَرَّرْنَاهُ فِي جَوَابِ دَعْوَاكُمْ أَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ مَجَازٌ صَحِيحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute