للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «ثُمَّ دَعْوَاكُمُ الْمَجَازَ مَجَازٌ» إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: تَسْمِيَتُكُمُ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ مَجَازًا هُوَ مُجَازٌ أَيْضًا، لِكَوْنِكُمْ رَأَيْتُمُوهُ مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَجَازِ، أَيْ: إِنَّمَا يُطْلَقُ الْمَجَازُ عَلَى التَّحْقِيقِ فِي الْمُفْرَدَاتِ الشَّخْصِيَّةِ، كَالْأَسَدِ عَلَى الرَّجُلِ الشُّجَاعِ، وَالْبَحْرِ عَلَى الرَّجُلِ الْجَوَّادِ، وَفِي الْمُرَكَّبَاتِ الْإِسْنَادِيَّةِ خِلَافٌ سَبَقَ، نَحْوَ: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزَّلْزَلَةِ: ٢] ، وَأَحْيَانِي اكْتِحَالِي بِطَلْعَتِكَ، وَقَدْ يُعَارِضُونَ هَذَا بِمَا قَرَّرُوا بِهِ أَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ مَجَازٌ.

قَوْلُهُ: «وَهُوَ» يَعْنِي الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ «حَقِيقَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، مَجَازٌ بِكُلِّ حَالٍ عِنْدَ قَوْمٍ. وَقِيلَ: إِنْ خُصَّ» بِدَلِيلٍ «مُنْفَصِلٍ» ، كَانَ مَجَازًا، وَإِنْ خُصَّ بِدَلِيلٍ مُتَّصِلٍ، كَانَ حَقِيقَةً ; لِأَنَّ الدَّلِيلَ الْمُتَّصِلَ مَعَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ ; فَهُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ، إِذَا قَالَ: رَأَيْتُ الرِّجَالَ إِلَّا زَيْدًا هُوَ حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ.

هَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَأَصْلِهِ.

وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ أَقْوَالًا:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ حَقِيقَةٌ فِي الْبَاقِي، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

وَثَانِيهَا: أَنَّهُ مَجَازٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْغَزَّالِيِّ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>