. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَالَ: لَا تُعْطِ فُلَانًا شَيْئًا وَلَا فُلَانًا وَلَا زَيْدًا ; فَكَانَ هَذَا النَّهْيُ عَنْ إِعْطَاءِ زَيْدٍ رَافِعًا لِلْأَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ بِإِعْطَائِهِ.
قَوْلُهُ: " وَلَنَا أَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْخَاصِّ عَمَلًا بِكِلَيْهِمَا، بِخِلَافِ الْعَكْسِ "، أَيْ: لَنَا عَلَى تَقْدِيمِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، أَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْخَاصِّ عَمَلًا بِكِلَا الدَّلِيلَيْنِ: الْخَاصِّ وَالْعَامِّ فِيمَا عَدَا صُورَةِ التَّخْصِيصِ، وَفِي تَقْدِيمِ الْعَامِّ إِلْغَاءٌ لِلْعَمَلِ بِالْخَاصِّ، وَالنُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا مَا أَمْكَنَ ; فَيَكُونُ الْعَمَلُ بِكِلَا النَّصَّيْنِ بِتَقْدِيمِ الْخَاصِّ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ الْخَاصِّ بِتَقْدِيمِ الْعَامِّ.
وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَعْطِ زَيْدًا دِرْهَمًا، ثُمَّ قَالَ: لَا تُعْطِ أَحَدًا شَيْئًا، فَإِذَا عَمِلَ بِهَذَا الْعُمُومِ وَحْدَهُ، وَمَنَعَ زَيْدًا، كَانَ مُلْغِيًا لِلنَّصِّ الْخَاصِّ فِي إِعْطَاءِ زَيْدٍ، وَإِذَا أَعْطَى زَيْدًا، وَمَنَعَ مَنْ سِوَاهُ، كَانَ عَامِلًا بِالنَّصِّ الْخَاصِّ فِي إِعْطَاءِ زَيْدٍ، وَبِالْعَامِّ فِي مَنْعِ غَيْرِهِ ; فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ تَعْطِيلِ أَحَدِ النَّصَّيْنِ.
وَالْجَوَابُ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ الْخَصْمُ، أَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: كُنَّا نَأْخُذُ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ ; فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّسْخِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَشَرْطُ النَّسْخِ التَّعَارُضُ وَعَدَمُ إِمْكَانِ الْجَمْعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هَاهُنَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُمُ: الْعَامُّ كَآحَادِ صُوَرٍ خَاصَّةٍ ; فَجَازَ أَنْ يَرْفَعَ الْخَاصَّ.
قُلْنَا: الْجَوَازُ مُسَلَّمٌ، لَكِنْ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى، وَالْأَوْلَى فِي الشَّرْعِيَّاتِ مُتَعَيِّنٌ ; لِأَنَّهُ أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ، وَبَيَانُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى ; مَا سَبَقَ فِي دَلِيلِنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute