. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِاعْتِبَارِ جِهَتَيْنِ ; فَلَا تَنَاقُضَ. وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ أَوْ يُشْبِهُهُ.
قَوْلُهُ: " وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ: لَا يُخَصُّ عُمُومُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِضَعْفِهِ "، أَيْ: لِضَعْفِ الْخَبَرِ عَنِ الْكِتَابِ.
وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ: " يُخَصِّصُ الْمُخَصَّصَ دُونَ غَيْرِهِ "، أَيْ: خَبَرُ الْوَاحِدِ يَخُصُّ الْعَامَّ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا كَانَ مَخْصُوصًا بِغَيْرِهِ، وَلَا يَخُصُّ الْعَامَّ غَيْرَ الْمَخْصُوصِ.
قُلْتُ: هَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ عِيسَى: إِنِ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ يَبْقَى مَجَازًا ; فَيَضْعُفُ ; فَيَقْوَى خَبَرُ الْوَاحِدِ عَلَى تَخْصِيصِهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَوْلُ عِيسَى هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْتُ ; فَفِيهِ ضَرْبٌ مِنَ التَّهَافُتِ ; لِأَنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ لَا يَبْقَى حُجَّةً عِنْدَهُ عَلَى مَا سَبَقَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حُجَّةً، لَمْ يَكُنْ لِلْقَوْلِ بِتَخْصِيصِهِ فَائِدَةٌ، إِذْ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ بَيَانُ أَنَّ الصُّورَةَ الْمَخْصُوصَةَ لَا يَتَنَاوَلُهَا حُكْمُ الْعُمُومِ. وَالتَّقْدِيرُ: أَنَّ الْعُمُومَ لَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ أَوْ لَهُ حُكْمٌ مُجْمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ ; فَيَحْتَاجُ إِلَى الْبَيَانِ ; فَهَذَا وَجْهُ التَّهَافُتِ فِي قَوْلِهِ: الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ لَا يَبْقَى حُجَّةً مَعَ قَوْلِهِ: يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، يَعْنِي قَوْلَ عِيسَى بْنِ أَبَانَ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. " وَتَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ "، وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْوَاقِفِيَّةِ، فِي تَخْصِيصِ عُمُومِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ; لِأَنَّ " الْكِتَابَ قَطْعِيُّ السَّنَدِ " لِتَوَاتُرِهِ، ظَنِّيُّ الدَّلَالَةِ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ ظَاهِرَةٌ ظَنِّيَّةٌ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ " قَطْعِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute