. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قُلْتُ: وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِمَنْعِ عَدَمِ الْمُرَجِّحِ، بَلِ الْمُرَجِّحُ مَوْجُودٌ، وَهُوَ مَا سَبَقَ مِنْ تَرْجِيحِ التَّخْصِيصِ عَلَى النَّسْخِ إِذَا تَعَارَضَا.
قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يُخَصُّ عُمُومُ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ "، هَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ قَبْلُ: " وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامُّ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً "، أَيْ: فَإِنَّهُ يُخَصُّ بِالْخَاصِّ، كِتَابًا كَانَ الْخَاصُّ أَوْ سُنَّةً، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ عُمُومِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ. " وَخَرَّجَهُ ابْنُ حَامِدٍ قَوْلًا "، أَيْ: رِوَايَةً " لَنَا " وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ السُّنَّةَ مُبَيِّنَةٌ لِلْكِتَابِ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النَّحْلِ: ٤٤] ; فَلَوْ خَصَّصَهَا الْكِتَابُ، لَبَيَّنَهَا ; لِأَنَّ التَّخْصِيصَ بَيَانٌ. وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ التَّنَاقُضُ، إِذْ يَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُبَيِّنًا لِلْآخَرِ وَتَابِعًا لَهُ ; لِأَنَّ الْمُبَيِّنَ تَابِعٌ لِلْمُبِيَّنِ، بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَكَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّيْئَيْنِ تَابِعًا لِلْآخَرِ بَاطِلٌ.
قَوْلُهُ: " وَلَنَا أَنَّ مَا بَيَّنَتْهُ مِنْهُ لَا يُبَيِّنُهَا وَبِالْعَكْسِ "، إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: لَنَا عَلَى صِحَّةِ تَخْصِيصِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ وَالْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ الْخَصْمُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الدَّوْرَ وَالتَّنَاقُضَ إِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ لَوْ بَيَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْآخَرِ مَا بَيَّنَهُ الْآخَرُ مِنْهُ بِعَيْنِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ الَّذِي تُبَيِّنُهُ السُّنَّةُ مِنَ الْكِتَابِ لَا يُبَيِّنُهُ الْكِتَابُ مِنَ السُّنَّةِ، وَمَا يُبَيِّنُهُ الْكِتَابُ مِنَ السُّنَّةِ لَا تُبَيِّنُهُ السُّنَّةُ مِنَ الْكِتَابِ ; فَلَا دَوْرَ وَلَا تَنَاقُضَ. وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُ هَذَا الْجَوَابِ فِي النَّسْخِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ تَبْيِينَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ ; فَيَكُونُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute