للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَمْنُوعٌ، بَلْ رُجُوعُهُ إِلَى الْجَمِيعِ أَظْهَرُ، وَكَذَا نَقُولُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ.

وَالِاعْتِرَاضُ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي: بِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ، بَلْ هُوَ تَعْطِيلٌ لِلْمَذَاهِبِ، وَتَرَدُّدٌ بَيْنِهَا، وَتَحَيُّرٌ فِيهَا، وَمَا هَذَا شَأْنُهُ ; فَإِنَّمَا يُسَوَّغُ عِنْدَ تَكَافُؤِ الْأَدِلَّةِ وَتَسَاوِيهَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ هَاهُنَا، بَلْ أَحَدُ الْمَذَاهِبِ ظَاهِرُ الرُّجْحَانِ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَرْعٌ: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الْآيَةَ، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النُّورِ: ٤، ٥] ، تَضَمَّنَتِ الْآيَةُ أَنَّ الْقَذْفَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: وُجُوبُ الْحَدِّ، وَرَدُّ الشَّهَادَةِ، وَثُبُوتُ الْفِسْقِ. فَمَنْ رَدَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ، قَالَ: الْقَاذِفُ إِذَا تَابَ، تَعُودُ عَدَالَتُهُ، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا الْأَصْلِ أَنْ يَسْقُطَ الْجَلْدُ عَنْهُ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُ حَقَّ آدَمِيٍّ. وَمَنْ رَدِّ الِاسْتِثْنَاءَ إِلَىَ الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ، وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: إِذَا تَابَ الْقَاذِفُ، زَالَ فِسْقُهُ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ ; لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} لَمْ يَتَعَلَّقْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النُّورِ: ٤] ; فَيَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ فِي الزَّمَانِ، وَجَعَلَ سَلْبَ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ مِنْ عُقُوبَاتِ الْقَذْفِ كَالْجَلْدِ، وَكَمَا أَنَّ الْحَدَّ لَا يَرْتَفِعُ بِالتَّوْبَةِ، كَذَلِكَ رَدُّ الشَّهَادَةِ ; فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَجْلُودَ فِي الْقَذْفِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.

وَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا: أَنْ الْأَحْكَامَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْقَذْفِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>