للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَتَحَصَّلْ لَنَا تَعْرِيفُ الْبَيَانِ بِالْحَقِيقَةِ مِمَّا سَبَقَ، احْتَجْنَا إِلَى أَنْ نَذْكُرَ تَعْرِيفَهُ.

وَقَدْ قِيلَ: هُوَ إِيضَاحُ الْمُشْكِلِ، وَهَذَا مُخْتَصَرُ مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِيهِ، أَنَّهُ إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنَ الْإِشْكَالِ إِلَى الْوُضُوحِ، فَلَمَّا عُرِفَ بِهَذَا، وَرَدَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ الِابْتِدَائِيُّ، أَيِ: الْخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ ابْتِدَاءً، مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى بَيَانٍ خَارِجٍ، كَالنُّصُوصِ وَالظَّوَاهِرِ، وَمَا عُرِفَ الْمُرَادُ مِنْهُ بِالتَّعْلِيلِ بِفَحْوَى الْخِطَابِ، أَوْ بِاللُّزُومِ، كَالدَّلَالَةِ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْأَسْبَابِ، كَدَلَالَةِ الصَّلَاةِ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ، وَدَلَالَةِ الْمِلْكِ عَلَى تَقَدُّمِ سَبَبِهِ، مِنْ بَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوِ اكْتِسَابٍ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مُبَيَّنٌ بِبَيَانٍ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ إِيضَاحُ مُشْكِلٍ ; فَتَعْرِيفُ الْبَيَانِ بِإِيضَاحِ مُشْكِلٍ غَيْرُ جَامِعٍ.

- قَوْلُهُ: «فَإِنْ زِيدَ بِالْفِعْلِ أَوِ الْقُوَّةِ، زَالَ» ، أَيْ: فَإِنْ زِيدَ هَذَا عَلَى التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ، زَالَ وُرُودُ الْبَيَانِ الِابْتِدَائِيِّ، وَاسْتَقَامَ التَّعْرِيفُ ; فَيُقَالُ: الْبَيَانُ: هُوَ إِيضَاحُ الْمُشْكِلِ بِالْقُوَّةِ أَوِ الْفِعْلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ قَدْ يَكُونُ مُشْكِلًا بِالْفِعْلِ، أَيْ: إِشْكَالُهُ ظَاهِرٌ مَوْجُودٌ، وَقَدْ يَكُونُ مُشْكِلًا بِالْقُوَّةِ، أَيْ: هُوَ قَابِلٌ لِأَنْ يَرِدَ مُشْكِلًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَادَّةَ الْكَلَامِ لِذَاتِهَا قَابِلَةٌ لِلْإِشْكَالِ، بِحَسَبِ اخْتِلَافِ نُظُمِهِ وَصِيَغِهِ، وَمَقَاصِدِ الْمُتَكَلِّمِينَ بِهِ.

وَمِثَالُ هَذَا: مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ، وَهَذَا كَلَامٌ بَيِّنٌ بِنَفْسِهِ، صَحِيحٌ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ. وَنَقَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>