للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَظَاهِرُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ - مُشْكِلٌ ; لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ جَمِيعًا مُؤْمِنُونَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ كُفَّارٌ، وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِيهَا إِلَّا كَافِرٌ، لَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَلْحَقَ بِكَلَامِهِ بَيَانًا بَيَّنَهُ، وَأَظْهَرَ مَعْنَاهُ الْمُرَادَ لَهُ، بِأَنْ قَالَ: لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مُؤْمِنٌ ; لِأَنَّ الْكُفَّارَ حِينَئِذٍ يُعَايِنُونَ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ ; فَيُؤْمِنُونَ بِهِ، أَيْ: يُصَدِّقُونَ، لَكِنْ إِيمَانًا لَا يَنْفَعُهُمْ ; لِأَنَّهُ اضْطِرَارِيٌّ لَا اخْتِيَارِيٌّ، وَلِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غَافِرٍ: ٨٥] ، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لِفِرْعَوْنَ حِينَ قَالَ لَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ: آمَنْتُ -: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} [يُونُسَ: ٩١] .

فَقَدْ حَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ كَلَامَ أَبِي حَنِيفَةَ مُشْكِلٌ بِالْفِعْلِ ; فَاحْتَاجَ إِلَى الْبَيَانِ، وَكَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيِّنٌ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالْقُوَّةِ، إِذْ قَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُورِدَهُ عَلَى نَظْمٍ يَسْتَشْكِلُ، نَحْوَ كَلَامِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ. كَلَامٌ مُتَّضِحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>