للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بَيِّنٌ، إِذْ مَعْنَاهُ: لَا فَاعِلَ لِلنَّفْعِ وَالضُّرِّ إِلَّا اللَّهُ.

ثُمَّ عَرَضَ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ الْإِشْكَالُ، بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَا يُورَدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ، أَيْ: مَنْ لَهُ إِبِلٌ مِرَاضٌ عَلَى مَنْ لَهُ إِبِلٌ صِحَاحٌ. وَقَوْلِهِ: فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ. لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ هَذَا إِثْبَاتُ الْعَدْوَى، وَهُوَ يُنَاقِضُ نَفْيَهَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ; فَاحْتِيجَ إِلَى بَيَانِ الْمُزِيلِ لِلْإِشْكَالِ، بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ نَافٍ لِلْعَدْوَى، أَيْ: لَا يُعْدِي مَرِيضٌ صَحِيحًا، وَأَمَّا الثَّانِي، فَلَمْ يَنْهَ فِيهِ عَنْ إِيرَادِ الْمُمْرِضِ عَلَى الْمُصِحِّ لِكَوْنِهِ يُعْدِي الْإِبِلَ، بَلْ خَشْيَةَ أَنْ يُحْدِثَ اللَّهُ تَعَالَى فِي إِبِلٍ مُصِحٍّ مَرَضًا ; فَيَعْتَقَدَ أَنَّهُ مِنَ الْعَدْوَى ; فَيَكُونَ بِذَلِكَ مُشْرِكًا مَعَ اللَّهِ فَاعِلًا غَيْرَهُ ; فَزَالَ الْإِشْكَالُ.

وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ; فَقَدْ رَأَيْتُ كَيْفَ كَانَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ بَيِّنًا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ الْإِشْكَالُ ; فَكَذَلِكَ قَدْ يَرِدُ الْكَلَامُ بَيِّنًا بِالْفِعْلِ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>