للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

السَّادِسُ: أَنَّ النَّسْخَ بَيَانٌ فِي الزَّمَانِ، وَهَذَا بَيَانٌ فِي الْأَعْيَانِ، ثُمَّ قَدْ وَجَبَ التَّأْخِيرُ فِي النَّسْخِ ; فَلْيَجُزِ التَّأْخِيرُ هَهُنَا، وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ النَّسْخِ وَغَيْرِهِ فِي تَأْخِيرِ الْبَيَانِ ; لِأَنَّ تَأْخِيرَ النَّسْخِ يُوهِمُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي زَمَنٍ، لَيْسَ ثَابِتًا فِيهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَتَأْخِيرُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ يُوهِمُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ التَّخْصِيصِ، وَلَيْسَ ثَابِتًا فِيهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَكِلَاهُمَا مَحْذُورٌ. وَقَدِ الْتَزَمَ الْخَصْمُ أَحَدَهُمَا ; فَيَلْزَمُهُ الْتِزَامُ الْآخَرِ.

قَوْلُهُ: «قَالُوا: الْخِطَابُ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا حُجَّةُ الْمَانِعِينَ مِنْ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْخِطَابَ بِالْمُجْمَلَ بِدُونِ بَيَانِهِ ; خِطَابٌ بِمَا لَا يُفْهَمُ، وَالْخِطَابُ بِمَا لَا يُفْهَمُ عَبَثٌ، وَتَجْهِيلٌ لِلسَّامِعِ فِي الْحَالِ، إِذْ لَا يَعْلَمُ مَا الْمُرَادُ بِالْخِطَابِ، وَفَائِدَةُ الْخِطَابِ إِنَّمَا هُوَ إِفَادَةُ الْمُرَادِ بِهِ، فَإِذَا لَمْ يُفِدْ فَائِدَتَهُ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَبَثًا مُمْتَنِعًا، وَصَارَ ذَلِكَ كَمُخَاطَبَةِ الْعَرَبِيِّ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَمُخَاطَبَةِ الْعَجَمِيِّ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَكَمَا لَوْ قَالَ: أَبْجَدْ هَوَّزْ، وَقَالَ: أَرَدْتُ بِهِ إِيجَابَ الصَّلَاةِ عَلَيْكُمْ. أَوْ قَالَ: فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ. وَقَالَ أَرَدْتُ بِالْإِبِلِ الْبَقَرَ ; فَهَذَا كُلُّهُ وَأَشْبَاهُهُ غَيْرُ جَائِزٍ، لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ ; فَكَذَلِكَ الْخِطَابُ بِالْمُجْمَلِ.

قَوْلُهُ: «قُلْنَا: بَاطِلٌ» ، أَيْ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ أَنَّ الْخِطَابَ بِمَا لَا يُفْهَمُ عَبَثٌ ; فَلَا يَجُوزُ، بَاطِلٌ بِمُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ، كَالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ ; فَإِنَّهُ لَا تُفْهَمُ حَقِيقَتُهُ، وَلَيْسَ الْخِطَابُ بِهِ تَجْهِيلًا لِلسَّامِعِ، وَلَا عَبَثًا مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>