. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمُتَكَلِّمِ، فَكَمَا جَازَ الْخِطَابُ بِالْمُتَشَابِهِ، بِدُونِ فَهْمِ حَقِيقَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَبَثًا، كَذَلِكَ يَجُوزُ الْخِطَابُ بِالْمُجْمَلِ، وَإِنْ أَخَّرَ بَيَانَ حَقِيقَتِهِ، وَلَا يَكُونُ عَبَثًا.
قَوْلُهُ: «فَإِنْ مَنَعَ، فَقَدْ بَيَّنَّاهُ» ، أَيْ: إِنْ مَنَعَ أَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا تُفْهَمُ حَقِيقَتُهُ ; فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَأَنَّ تَأْوِيلَهُ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ لَا غَيْرَ.
وَإِنْ قَالَ الْخَصْمُ: إِنَّ الْمُتَشَابِهَ «فَائِدَتُهُ الِانْقِيَادُ الْإِيمَانِيُّ» ، أَيِ: الِانْقِيَادُ لِلْإِيمَانِ بِهِ، كَمَا قَالَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ: آمَنَّا بِهِ.
قُلْنَا: وَفَائِدَةُ الْخِطَابِ بِالْمُجْمَلِ «الِانْقِيَادُ التَّكْلِيفِيُّ» ، أَيِ: الِانْقِيَادُ لِلْعَزْمِ عَلَى امْتِثَالِ التَّكْلِيفِ بِهِ، فَإِذَا قِيلَ لِلْمَرْأَةِ: اعْتَدِّيِ بِالْأَقْرَاءِ ; عَزَمَتْ عَلَى الِاعْتِدَادِ بِأَنَّهَا أُمِرَتْ بِهِ، وَبُيِّنَ لَهَا، وَإِذَا قِيلَ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التَّوْبَةِ: ١٠٣] ، أَفَادَ عَزْمَ كُلِّ ذِي مَالٍ عَلَى إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ، مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ مَالِهِ وَمَقَادِيرِهِ، حَتَّى يَرِدَ التَّخْصِيصُ النَّوْعِيُّ بِسَائِمَةِ الْأَنْوَاعِ، وَالنَّقْدَيْنِ، وَالْخَارِجِ مِنَ الْأَرْضِ، وَالتَّخْصِيصُ الْمِقْدَارَيُّ بِشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْ مِائَتَيْنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ، عَصَى، وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا مَرَّ بِالنَّسْخِ قَبْلَ امْتِثَالِ الْفِعْلِ، وَهَذِهِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أَفَادَهَا الْخِطَابُ بِالْمُجْمَلِ ; فَهِيَ فِي بَابِهَا كَفَائِدَةِ الْإِيمَانِ بِالْمُتَشَابِهِ فِي بَابِهَا.
قَوْلُهُ: «وَإِيجَابِ الصَّلَاةِ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ بِالْفَرْقِ، وَالَّذِي سَبَقَ جَوَابٌ بِالنَّقْضِ.
وَتَقْرِيرُ هَذَا الْجَوَابِ: أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْخِطَابِ بِالْمُجْمَلِ، وَالْخِطَابِ بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ، مِنْ أَبْجَدْ هَوَّزْ وَنَحْوِهِ، هُوَ أَنَّ الْخِطَابَ بِالْمُجْمَلِ يُفِيدُ مَاهِيَّاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute