. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا [هُودٍ: ٤٢] ، وَقَالَ: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ابْنُهُ، لِإِضَافَتِهِ إِلَيْهِ: ابْنِي، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَلَى هَذَا عَوَّلَ عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ، وَمَنْ تَابَعَهُمَا، وَعَوَّلَ الْحَسَنُ وَمَنْ تَابَعَهُ، عَلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هُودٍ: ٤٦] ، وَحَقِيقَتُهُ تَقْتَضِي نَفْيَ النَّسَبِ.
قُلْتُ: وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ تُسْتَعْمَلُ فِي اللِّسَانِ تَارَةً فِي النَّسَبِ، وَتَارَةً فِي الدِّينِ وَغَيْرِهِ، كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: هُوَ ابْنُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ خَالَفَهُ فِي الْعَمَلِ وَالنِّيَّةِ ; فَهِيَ مُجْمَلٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْبُنُوَّةِ، وَإِضَافَتُهَا لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُبَيِّنٌ ; فَيَكُونُ مُقَدَّمًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ: {لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} الَّذِي وَعَدْتُكَ أَنْ أُنْجِيَهُمْ، كَمَا رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ فَقَالَ: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} وَتَقُولُ: لَيْسَ بِابْنِهِ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ: {لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} ؟ قَالَ: قُلْتُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الَّذِينَ وَعَدْتُكَ أَنْ أُنْجِيَهُمْ مَعَكَ، وَلَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُ ابْنُهُ، قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَكْذِبُونَ.
وَاحْتَجَّ الطَّنْزِيُّ، بِالنُّونِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، عَلَى ضَعْفِ قَوْلِ الْحَسَنِ بِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} فَكَيْفَ يُخْبِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّا لَمْ يَكُنْ؟
الثَّانِي: أَنَّ نُوحًا عَاشَ عُمْرَ ابْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: ابْنِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute