للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لِفَوَائِدِهِ، فَإِنَّ تَكْثِيرَ فَوَائِدِ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ تَقْلِيلِهَا.

قَوْلُهُ: «وَأَيْضًا» ، إِلَى آخِرِهِ. ذَكَرَ حُجَّةً أُخْرَى عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ.

وَتَقْرِيرُهَا: أَنَّ إِجْمَاعَ الْفُصَحَاءِ وَالْعُقَلَاءِ عَلَى فَهْمِ اخْتِصَاصِ الشَّيْءِ بِالْحُكْمِ، لِاخْتِصَاصِهِ بِالذِّكْرِ.

أَمَّا الْفُصَحَاءُ ; فَكَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ ; فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْأَحْمَرِ مِنَ الْأَصْفَرِ؟ وَكَذَلِكَ الرَّاوِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ سَأَلَ أَبَا ذَرٍّ عَنْ ذَلِكَ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا فَهِمَا مِنْ تَخْصِيصِ الْأَسْوَدِ بِالذِّكْرِ اخْتِصَاصَهُ بِقَطْعِ الصَّلَاةِ. وَكَذَلِكَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا بَالُنَا نَقْصُرُ وَقَدْ أَمِنَّا؟ وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النِّسَاءِ: ١٠١] ; فَفَهِمَ اخْتِصَاصَ جَوَازِ الْقَصْرِ بِحَالِ الْخَوْفِ، وَوَافَقَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ لَهُ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ ; فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ ذَلِكَ ; فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ ; فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ. وَقَدْ حَصَلَتْ بِذَلِكَ الْمُوَافَقَةُ عَلَى مَا فَهِمَهُ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ وَعُمَرُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْضًا، حَيْثُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا مَا فَهِمَاهُ، بَلْ عَدَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>