. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَتَعَالَى: {لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} [النَّحْلِ: ٧] . وَأَنْشَدَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مُسْتَشْهِدًا عَلَى التَّكْلِيفِ قَوْلَ الْخَنْسَاءِ فِي أَخِيهَا صَخْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ:
يُكَلِّفُهُ الْقَوْمُ مَا نَابَهُمْ ... وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَهُمْ مَوْلِدَا
أَيْ: يُلْزِمُونَهُ ذَلِكَ بِحُكْمِ رِئَاسَتِهِ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: «وَشَرْعًا» أَيْ: وَالتَّكْلِيفُ شَرْعًا، أَيْ: فِي الشَّرْعِ، «قِيلَ: الْخِطَابُ بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ» .
هَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَإِنَّمَا قُلْتُ فِيهِ: قِيلَ، لِمَا ذَكَرْتَهُ بَعْدُ مِنَ التَّفْصِيلِ، فَإِنَّهُ عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ مَنْقُوضًا.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ» أَيْ تَعْرِيفُ التَّكْلِيفِ بِمَا ذُكِرَ «صَحِيحٌ، إِلَّا أَنْ نَقُولَ: الْإِبَاحَةُ تَكْلِيفٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ، فَتَرِدُ عَلَيْهِ» يَعْنِي: تَرِدُ الْإِبَاحَةُ عَلَى تَعْرِيفِ التَّكْلِيفِ الْمَذْكُورِ «طَرْدًا وَعَكْسًا» أَيْ: مِنْ جِهَةِ الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ.
قُلْتُ: قَدِ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي الْإِبَاحَةِ، هَلْ هِيَ تَكْلِيفٌ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَتْ تَكْلِيفًا، صَحَّ تَعْرِيفُ التَّكْلِيفِ بِمَا ذُكِرَ، فَيَكُونُ كُلُّ تَكْلِيفٍ خِطَابًا بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ، وَكُلُّ خِطَابٍ بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ تَكْلِيفًا.
وَإِنْ قُلْنَا: الْإِبَاحَةُ تَكْلِيفٌ، انْتَقَضَ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ بِهَا مِنْ جِهَةِ الطَّرْدِ، وَهُوَ وُجُودُ الْحَدِّ بِدُونِ الْمَحْدُودِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلَّمَا وُجِدَ الْخِطَابُ بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ، وُجِدَ التَّكْلِيفُ، لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ مِثْلَ قَوْلِهِ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [الْأَعْرَافِ: ٣١] {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الْأَحْزَابِ: ٥٣] {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [الْمَائِدَةِ: ٢] ، وَنَحْوُهُ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute