. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لِ «إِنَّ» وَأَخَوَاتِهَا ; «فَلَوْ كَانَتْ نَافِيَةً» ، لَلَزِمَ مِنْهُ التَّنَاقُضُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ أَمْرَأَ الْقَيْسِ يَقُولُ:
وَلَوْ أَنَّمَا أَسْعَى لِأَدْنَى مَعِيشَةٍ ... كَفَانِي وَلَمْ أَطْلُبْ قَلِيلٌ مِنَ الْمَالِ
وَلَكِنَّمَا أَسْعَى لِمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ ... وَقَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ الْمُؤَثَّلَ أَمْثَالِي
فَلَوْ كَانَتْ مَا فِي «لَكِنَّمَا» نَافِيَةً، لَأَفَادَ قَوْلُهُ: وَلَكِنَّمَا أَسْعَى لِمَجْدٍ، أَنَّهُ لَا يَسْعَى لِلْمَجْدِ، وَيَصِيرُ تَقْدِيرُهُ: وَلَكِنَّنِي مَا أَسْعَى لِمَجْدٍ ; لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنَّ مَا لِلنَّفْيِ، لَكِنَّ ذَلِكَ «مُنَاقِضٌ لِمَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ» ، أَمَّا مَا قَبْلَهُ ; فَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنَمَا أَسْعَى لِأَدْنَى مَعِيشَةٍ كَفَانِي، وَ «لَوْ» تَقْتَضِي امْتِنَاعَ الشَّيْءِ لِامْتِنَاعِ غَيْرِهِ ; فَاقْتَضَتْ هَهُنَا امْتِنَاعَ كِفَايَةِ الْقَلِيلِ مِنَ الْمَالِ لَهُ، لِامْتِنَاعِ سَعْيِهِ لِأَدْنَى مَعِيشَةٍ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ أَدْنَى مَعِيشَةٍ. وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ ; فَهُوَ قَوْلُهُ: وَقَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ الْمُؤَثَّلَ أَمْثَالِي ; فَهُوَ يُسَهِّلُ إِدْرَاكَ الْمَجْدِ عَلَى نَفْسِهِ، لِيُقْدِمَ عَلَى طَلَبِهِ، وَقِصَّتُهُ وَسِيَاقُ قَصِيدَتِهِ يَقْتَضِي ذَلِكَ ; فَقَدْ لَزِمَ التَّنَاقُضُ الْمَذْكُورُ مَنْ جَعَلَ مَا فِي «لَكِنَّمَا» لِلنَّفْيِ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلنَّفْيِ ; لِأَنَّ مَلْزُومَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute