. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ. حَصْرَ الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ لَا يُحَرِّمُ إِلَّا بَيْعَ الرِّبَوِيَّاتِ نَسِيئَةً، وَكَانَ يُجِيزُ التَّفَاضُلَ فِيهَا، حَتَّى سَمِعَ النُّصُوصَ فِي خِلَافِ ذَلِكَ ; فَرَجَعَ «وَهُوَ - يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ - عَرَبِيٌّ فَصِيحٌ» ; فَيَكُونُ فَهْمُهُ لِلْحَصْرِ مِنْ إِنَّمَا حُجَّةً ; فَتَكُونُ لِلْحَصْرِ.
قَوْلُهُ: «وَالْجَوَابُ» ، يَعْنِي عَنِ الْوَجْهَيْنِ:
أَمَّا عَنِ الْأَوَّلِ: فَقَوْلُهُمْ: إِنَّ لِلْإِثْبَاتِ، قُلْنَا: نَعَمْ. قَوْلُهُمْ: وَمَا لِلنَّفْيِ، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ، وَمُسْتَنَدُ الْمَنْعِ مِنْ وُجُوهٍ.
أَحَدُهَا: «أَنَّ» مَا «لَهَا أَقْسَامٌ كَثِيرَةٌ» ، كَكَوْنِهَا صِلَةً، وَمَوْصُولَةً، وَنَافِيَةً، وَتَعَجُّبِيَّةً، وَشَرْطِيَّةً، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَقْسَامِهَا ; «فَتَخْصِيصُ هَذِهِ» يَعْنِي مَا فِي إِنَّمَا، «بِالنَّافِيَةِ» مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ «تَحَكُّمٌ» وَتَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: «أَنَّ مَا هَذِهِ هِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى إِنَّ وَأَخَوَاتِهَا كَافَّةٌ» ، أَيْ: لِتَكُفَّهَا عَنِ الْعَمَلِ فِيمَا بَعْدَهَا، وَتُهَيِّئَهَا لِلدُّخُولِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ، نَحْوَ: إِنَّمَا، وَكَأَنَّمَا، وَلَيْتَمَا، وَلَعَلَّمَا، وَلَكِنَّمَا، كَانَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ قَبْلَ دُخُولِ مَا عَلَيْهَا مُخْتَصَّةً بِالدُّخُولِ عَلَى الْأَسْمَاءِ، عَامِلَةً فِيهَا، نَحْوَ: إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ، وَلَعَلَّ عَمْرًا قَادِمٌ ; فَكَفَّتْهَا مَا عَنِ الْعَمَلِ، وَهَيَّأَتْهَا لِلدُّخُولِ عَلَى الْفِعْلِ، نَحْوَ: إِنَّمَا قَامَ زَيْدٌ، وَلَعَلَّمَا قَدِمَ عَمْرٌو. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ مَا هَهُنَا هِيَ الْكَافَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute