. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَهِمَهُ مَنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَبْقَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْحَصْرِ ; لِأَنَّ احْتِجَاجَكُمْ بِفَهْمِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفَهْمُهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الِاحْتِمَالَيْنِ، عَلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا مُرْسَلٌ، كَمَا سَبَقَ فِي الْكَلَامِ عَلَى السُّنَّةِ، وَإِذَا كَانَ مُرْسَلًا ; «فَلَعَلَّ وَهْمًا دَخَلَهُ» فِي لَفْظِهِ حَتَّى حُرِّفَ وَتَغَيَّرَ. وَمَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ تَضْعُفُ دَلَالَتُهُ جِدًّا.
قَوْلُهُ: «وَمَعَ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ» يَعْنِي أَدِلَّةَ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى أَنَّهَا لِلْحَصْرِ، أَوْ لَيْسَتْ لِلْحَصْرِ ; «فَلْتَكُنْ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ» بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، «وَهُوَ تَأْكِيدُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ» بَعْدَهَا «لَا لِنَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ» لِأَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا دَلِيلٌ، هَذَا تَوْجِيهُ مَا فِي «الْمُخْتَصَرِ» فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَاحْتَجَّ الْآمِدِيُّ عَلَى أَنَّهَا لِتَأْكِيدِ الْإِثْبَاتِ أَيْضًا: بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فِي الْحَصْرِ، لَكَانَ وُرُودُهَا بِدُونِ: عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ، وَلَمْ يُخَالِفْ رِبَا الْفَضْلِ إِلَّا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ ; فَكَانَ مُجْمِعًا عَلَيْهِ، وَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لَا يَجُوزُ.
قَالَ: وَالْحَصْرُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الْكَهْفِ: ١١٠] ، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ دَلِيلٍ خَارِجٍ، لَا مِنْ إِنَّمَا.
قُلْتُ: حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لِلتَّوْكِيدِ، وَحَيْثُ أَفَادَتِ الْحَصْرَ ; فَمِنْ دَلِيلٍ خَارِجٍ.
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ الْآنَ: أَنَّ إِنَّمَا لِلْحَصْرِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْهَا فِي غَالِبِ مَوَاقِعِهَا، وَالْمُتَبَادِرُ إِلَى أَفْهَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْهَا، وَوَرَدَتْ مُفَسَّرَةً بِصَرِيحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute