للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْمَنْطُوقِ بِهِ، وَانْتِفَاءُ الْعِلَّةِ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الْحُكْمِ فِيهِ، بِخِلَافِ اللَّقَبِ ; فَإِنَّهُ لِجُمُودِهِ، ضَعُفَ ظُهُورُ التَّعْلِيلِ فِيهِ، لَكِنَّ ضَعْفَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْغَايَةِ بِالْكُلِّيَّةِ ; لِأَنَّ ضَعْفَهُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، أَمَّا هُوَ فِي نَفْسِهِ ; فَقَوِيٌّ يَصْلُحُ لِلْعَمَلِ.

قُلْتُ: الْأَشْبَهُ الَّذِي تَسْكُنُ النَّفْسُ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَأَنَّهُ فِي الْمَفْهُومَاتِ كَالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي الْمَنْطُوقَاتِ، وَالْقِيَاسِ الشَّبَهِيِّ فِي الْأَقْيِسَةِ.

فَائِدَةٌ: اتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِالْمَفْهُومِ عَلَى أَنَّ مَا ظَهَرَ سَبَبُ تَخْصِيصِهِ لِلْمَنْطُوقِ بِالذِّكْرِ لَا مَفْهُومَ لَهُ، كَوُقُوعِهِ جَوَابًا لِمَنْ سَأَلَ عَنْهُ، أَوْ خُرُوجِهِ مَخْرَجَ الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ.

أَمَّا الْأَوَّلُ ; فَكَمَا قِيلَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: تَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ ; فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ لُحُومِ الْإِبِلِ لَا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ، إِذِ النَّوَاقِضُ كَثِيرَةٌ، وَسَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ السَّائِلَ هُوَ الَّذِي ذَكَّرَ الْمُتَكَلِّمَ بِالْمَنْطُوقِ بِهِ، لِسُؤَالِهِ عَنْهُ ; فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ تَصَوَّرَ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ، وَقَصَدَهُ بِنَفْيِ الْحُكْمِ.

وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ الْخَارِجُ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ الْمُقَيَّدُ بِهَا غَالِبَةً عَلَى الْمَوْصُوفِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا} [النِّسَاءِ: ٣٥] ، إِذْ خَوْفُ الشِّقَاقِ غَالِبُ حَالِ الْخَلْعِ، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النِّسَاءِ: ٢٣] ، إِذِ الْغَالِبُ كَوْنُ الرَّبِيبَةِ فِي حِجْرِ الرَّجُلِ تَبَعًا لِأُمِّهَا، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الْإِسْرَاءِ: ٣١] ، أَيْ: فَقْرٍ وَإِقْتَارٍ، إِذِ الْغَالِبُ أَنَّ قَتْلَ الْوَلَدِ إِنَّمَا يَكُونُ لِضَرُورَةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>