للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّ الْمُتَّبَعَ فِي الْأَحْكَامِ، الْأَرْجَحُ فَالْأَرْجَحُ، وَلَا يَمْنَعُ أَنْ يُفِيدَ الْقِيَاسُ مِنَ الظَّنِّ أَرْجَحَ مِمَّا يُفِيدُهُ الْمَفْهُومُ ; فَيُقَدَّمُ، كَمَا يُقَدَّمُ خَبَرُ الْوَاحِدِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَكَمَا فِي تَخْصِيصِ الْعُمُومِ وَالْعِلَّةِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ كَانَ مَفْهُومُ اللَّقَبِ حُجَّةً، لَكَانَ الْقَائِلُ: عِيسَى رَسُولُ اللَّهِ، كَافِرًا، لِدَلَالَتِهِ عَلَى نَفْيِ الرِّسَالَةِ عَنْ بَقِيَّةِ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّهُ إِنْ تَنَبَّهَ لِمَفْهُومِ لَفْظِهِ هَذَا، وَأَرَادَهُ، حُكِمَ بِكُفْرِهِ، لَكِنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَدْ لَا يَتَنَبَّهُ لِفَحْوَى خِطَابِهِ، خُصُوصًا هَذَا الْمَفْهُومَ ; فَإِنَّهُ وَإِنِ احْتُجَّ بِهِ، لَكِنَّهُ مِنْ أَضْعَفِ الْمَفْهُومَاتِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ ; فَقَدْ لَا يُرِيدُهُ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: لَوْ كَانَ مَفْهُومُ اللَّقَبِ حُجَّةً، لَكَانَ قَوْلُ الْقَائِلِ: زَيْدٌ يَأْكُلُ. نَافِيًا لِلْأَكْلِ عَنْ غَيْرِ زَيْدٍ.

وَأُجِيبَ بِالْتِزَامِهِ، وَإِنَّمَا لَا يَفْهَمُ ذَلِكَ مِنْهُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ صِحَّةَ مَفْهُومِ اللَّقَبِ، أَوْ لِدَلِيلٍ خَارِجٍ.

أَمَّا مُعْتَمَدُ الْقَائِلِينَ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ ; فَهُوَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْمَنْطُوقَ بِهِ لَوْ شَارَكَ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ فِي الْحُكْمِ، لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ تَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ، فَإِنْ بَيَّنَ الْخَصْمُ لِتَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ فَائِدَةً غَيْرَ اخْتِصَاصِهِ بِالْحُكْمِ. قُلْنَا: لَا مُنَافَاةَ فِي ذَلِكَ، وَيَكُونُ اخْتِصَاصُهُ بِالْحُكْمِ مِنْ جُمْلَةِ فَائِدَتِهِ تَكْثِيرًا لَهَا، كَمَا سَبَقَ فِي مَفْهُومِ الصِّفَةِ.

نَعَمْ، هَذَا الْمَفْهُومُ ضَعِيفٌ جِدًّا ; فَلِذَلِكَ أَلْغَاهُ الْخَصْمُ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ، وَسَبَبُ ضَعْفِهِ أَنَّ الصِّفَةَ وَالشَّرْطَ، وَنَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ، مُشْعِرٌ بِالتَّعْلِيلِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>