. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْأَعْيَانِ السِّتَّةِ، مِنْ أَنْ يَجْرِيَ الرِّبَا فِي غَيْرِهَا ; لِأَنَّ مُعْتَمَدَ الْقَائِلِينَ بِهِ مَا سَبَقَ مِنْ طَلَبِ فَائِدَةِ تَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ، وَالْأَعْيَانُ السِّتَّةُ قَدْ خُصَّتْ بِالذِّكْرِ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا فِيهَا ; فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَثْبُتَ الرِّبَا فِي غَيْرِهَا، لَكِنَّهُ بَاطِلٌ، إِذْ قَدْ ثَبَتَ فِي كُلِّ مَا وُجِدَتْ فِيهِ عِلَّتُهَا، عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهَا، كَالذُّرَةِ، وَالسِّمْسِمِ، وَأَشْبَاهِهَا مِنَ الْمَكِيلَاتِ، وَالْحَدِيدِ، وَالرَّصَاصِ، وَالنُّحَاسِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَوْزُونَاتِ، وَالْفَوَاكِهِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَطْعُومَاتِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْغَزَّالِيَّ جَعَلَ مَفْهُومَ اللَّقَبِ أَوَّلَ مَرَاتِبِ دَلِيلِ الْخِطَابِ، قَالَ: وَهُوَ أَبْعَدُهَا، وَقَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِهِ كُلُّ مُحَصِّلٍ، كَتَخْصِيصِ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ فِي الرِّبَا، ثُمَّ قَالَ: الرُّتْبَةُ الثَّانِيَةُ: الِاسْمُ الْمُشْتَقُّ الدَّالُّ عَلَى جِنْسٍ، نَحْوَ: «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ» . قَالَ: فَيَظْهَرُ إِلْحَاقُهُ بِاللَّقَبِ ; لِأَنَّ الطَّعَامَ لَقَبٌ لِجِنْسِهِ، أَيْ: بِالنَّظَرِ إِلَى جِنْسِهِ، كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِمَّا يُتَطَعَّمُ، كَالْغَنَمِ وَالْمَاشِيَةِ ; فَلَا يُدْرَكُ تَفْرِقَةٌ بَيْنَ قَوْلِهِ: فِي الْغَنَمِ الزَّكَاةُ. وَبَيْنَ قَوْلِهِ: «فِي الْمَاشِيَةِ الزَّكَاةُ» . وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَقَّةً مِنَ الْمَشْيِ مَثَلًا.
وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ مُنْكِرُو مَفْهُومِ اللَّقَبِ وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ حُجَّةً، لَبَطَلَ الْقِيَاسُ مُطْلَقًا، أَوْ غَالِبًا، أَوْ كَثِيرًا، إِذْ هُوَ تَعْدِيَةُ حُكْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إِلَى غَيْرِهِ، بِالْجَامِعِ الْمُشْتَرَكِ ; فَلَوْ صَحَّ مَفْهُومُ اللَّقَبِ ; لَكَانَ النَّصُّ عَلَى الْأَصْلِ مُفِيدًا انْتِفَاءَ الْحُكْمِ عَنْ غَيْرِهِ ; فَلَا يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ الْقِيَاسِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute