للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَذَلِكَ قَاطِعٌ فِي حُكْمِ الْعَادَةِ، بِأَنَّهُمْ ظَفِرُوا بِقَاطِعٍ، دَلَّ عَلَى صِحَّةِ التَّمَسُّكِ بِالْإِجْمَاعِ، وَيَكُونُ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ النَّظَّامِ حُجَّةً عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ خِلَافُهُ مُعْتَبَرًا، لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقَاطِعِ.

قَوْلُهُ: «إِلَّا أَنَّهُ» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا تَمْشِيَةٌ لِمَذْهَبِ النَّظَّامِ بِتَوْهِينِ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِ، مِنَ الْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِ مُتَّجِهٌ بِالْجُمْلَةِ بِالْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ «إِلَّا أَنَّهُ تَمَسُّكٌ بِإِجْمَاعٍ سُكُوتِيٍّ ضَعِيفٍ عَلَى قَطْعِيَّةِ الْإِجْمَاعِ» أَيْ: عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً قَاطِعَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ: مَا زَالُوا يَتَمَسَّكُونَ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَمْ يُظْهِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ خِلَافًا ; هُوَ مَعْنَى الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ، عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَالْإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ، فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً قَاطِعَةً، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَطَالِبِ الدِّينِيَّةِ، وَهَلْ ذَلِكَ إِلَّا إِثْبَاتُ الْقَوِيِّ بِالضَّعِيفِ، كَمَا سَبَقَ فِي إِثْبَاتِ الْإِجْمَاعِ الْقَاطِعِ بِالظَّوَاهِرِ.

وَاحْتَجَّ الْآمِدِيُّ مِنْ جِهَةِ الْمَعْقُولِ: بِأَنَّ الْخَلْقَ الْكَثِيرَ مِنْ أَهْلِ كُلِّ عَصْرٍ إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى حُكْمٍ، وَجَزَمُوا بِهِ، وَبَلَغَ عَدَدُهُمْ حَدَّ التَّوَاتُرِ، اسْتَحَالَ فِي الْعَادَةِ أَنْ لَا يَتَنَبَّهَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْخَطَأِ فِيمَا حَكَمُوا بِهِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ بِحُكْمِ الْعَادَةِ عَلَى إِصَابَتِهِمْ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>