. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ تَخْتَصُّ بِمَا إِذَا بَلَغَ الْمُجْمِعُونَ حَدَّ التَّوَاتُرِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا نَقَصُوا عَنْهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الطَّرِيقَةُ السَّابِقَةُ فِي قَوْلِنَا: وَقِيلَ: لَمْ يَظْهَرْ خِلَافٌ حَتَّى خَالَفَ النَّظَّامُ، وَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ بُلُوغِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ، بَلِ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ عَادَةً إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَمْرٍ، قَضَتِ الْعَادَةُ بِصَوَابِهِمْ فِيهِ. أَمَّا اشْتِرَاطُ التَّوَاتُرِ، فَغَيْرُ مُتَّجِهٍ، لِأَنَّ عَدَدَهُ غَيْرُ مَحْصُورٍ كَمَا سَبَقَ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِعَدَدِ التَّوَاتُرِ الْعَدَدُ الَّذِي إِذَا أَخْبَرَ، حَصَّلَ خَبَرُهُ الْعِلْمَ، لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ حَاصِلٌ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، عِنْدَ إِخْبَارِ الْمُخْبِرِينَ، لَا بِطَرِيقِ التَّوَلُّدِ عَنِ الْإِخْبَارِ.
وَحِينَئِذٍ لَا يُعْلَمُ الْعَدَدُ الَّذِي لَوْ أَخْبَرَ، لَأَفَادَ خَبَرُهُ الْعِلْمَ مَا هُوَ.
قَوْلُهُ: «وَمَعْنَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً» إِلَى آخِرِهِ.
لَمَّا سَبَقَ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ، وَكَانَ الْقَاطِعُ يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى مَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ، كَقَوْلِنَا: الْوَاحِدُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ، وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ، وَتَارَةً يُطْلَقُ عَلَى مَا يَجِبُ امْتِثَالُ مُوجِبِهُ قَطْعًا، وَلَا يَمْتَنِعُ مُخَالَفَتُهُ شَرْعًا ; أَحْبَبْتُ أَنْ أُبَيِّنَ مَا الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً قَاطِعَةً، لِأَنَّهُ مَوْضِعُ إِجْمَالٍ وَاحْتِمَالٍ.
وَمَعْنَى كَوْنِهِ حُجَّةً قَاطِعَةً: أَنَّ الْعَمَلَ يَجِبُ «بِهِ مُقَدَّمًا عَلَى بَاقِي الْأَدِلَّةِ» : الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ، فَيُقَدَّمُ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَمِيعِهَا بِحَيْثُ إِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute