للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى نَفْيٍ أَوْ إِثْبَاتٍ فِي مَسْأَلَةٍ، وَدَلَّ نَصُّ الْكِتَابِ، أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْقِيَاسِ، أَوْ جَمِيعُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كُلِّهِ، كَانَ الْعَمَلُ بِمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ دُونَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ بَاقِي الْأَدِلَّةِ، لِدِلَالَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى نَصٍّ قَاطِعٍ نَاسِخٍ لِتِلْكَ الْأَدِلَّةِ الْمُخَالِفَةِ لَهُ، أَوْ مُعَارِضٍ لَهَا رَاجِحٍ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً قَاطِعَةً الْقَطْعَ الْعَقْلِيَّ، وَهُوَ الْجَزْمُ «الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ» لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَطْعِيًّا بِهَذَا التَّفْسِيرِ، لَمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَكْفِيرِ مَنْ أَنْكَرَ حُكْمًا شَرْعِيًّا، لِأَنَّ الْقَوَاطِعَ الْعَقْلِيَّةَ لَا يُخْتَلَفُ فِيهَا، وَلَا فِي تَكْفِيرِ مَنْ أَنْكَرَ أَحْكَامَهَا الْمُعْتَبَرَةَ شَرْعًا، كَمَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي تَكْفِيرِ مَنْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ، أَوْ بِنَفْيِ الصَّانِعِ، أَوْ تَوْحِيدِهِ، أَوْ قُدْرَتِهِ، أَوْ عِلْمِهِ، أَوْ بِنَفْيِ النُّبُوَّاتِ، وَدِلَالَةِ الْمُعْجِزَاتِ عَلَيْهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَكِنْ سَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي تَكْفِيرِ مُنْكِرِ الْحُكْمِ الْجَمَاعِيِّ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ قَاطِعًا، هُوَ الْقَطْعُ الشَّرْعِيُّ لَا الْعَقْلِيُّ، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>