. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْقَاضِي بِتَنَاوُلِ لَفْظِ الْأُمَّةِ وَالْمُؤْمِنِينَ لَهُ، وَهُوَ عُمُومُ دَلِيلِ الْإِجْمَاعِ السَّمْعِيِّ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْعَامِّيَّ خُصَّ مِنْ عُمُومِ الْأُمَّةِ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ، كَمَا خُصَّ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ بِدَلِيلٍ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عَدَمُ أَهْلِيَّةِ النَّظَرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّكْلِيفِ، وَالْفَهْمُ بِالتَّفْهِيمِ لَا أَثَرَ لَهُ.
أَمَّا التَّكْلِيفُ، فَلَوِ اعْتُبِرَ فِي الْعَامِّيِّ، لَاعْتُبِرَ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِيهِمَا بِالْقُوَّةِ، إِذْ هُمَا أَهْلٌ لَهُ بِتَقْدِيرِ زَوَالِ الْمَانِعِ، وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ مَوْجُودًا فِي الْعَامِّيِّ بِالْفِعْلِ، إِذْ مَعْنَى التَّكْلِيفِ إِلْزَامُ فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ، وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَذَلِكَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ. وَانْصِبَابُ الْعِصْمَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى الْأُمَّةِ يَقْتَضِي مُشَارَكَةَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِلْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ فِي الِاعْتِبَارِ.
وَأَمَّا فَهْمُ الْعَامِّيِّ بِالتَّفْهِيمِ، فَلَا فَائِدَةَ لَهُ، إِذِ الْمُعْتَبَرُ مَنْ يَفْهَمُ بِقُوَّتِهِ لِيُفِيدَ وَيُنَبِّهَ النَّاسَ عَلَى مَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ، لَا مَنْ يَكُونُ كَلًّا عَلَى الْعُلَمَاءِ يَقُولُ:
افْهَمُوا وَفَهِّمُونِي. وَأَيْضًا مَا أَقْبَحَ وَأَسْمَجَ أَنْ يُقَالَ فِي مَحْفِلِ الْإِجْمَاعِ وَالِاجْتِهَادِ: انْتَظِرُوا الْإِمَامَ الْفَاضِلَ الْمُجْتَهِدَ فُلَانًا، وَالْفَلَّاحَ أَوِ الْمُكَارِيَ فُلَانًا، أَوِ الْمُقَامِرَ فُلَانًا، وَبِمِثْلِ هَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: فُلَانٌ الْعَامِّيُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِدْلَالِ، لَكِنْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُعْتَبَرَ الِاسْتِدْلَالُ مِنْ أَهْلِهِ، وَيَكُونَ مِنْ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ كَالْعَامِّيِّ شَرْطًا فِي الْعِصْمَةِ الَّتِي هِيَ مُسْتَنَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute