. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّرْعِيِّ فِي حَادِثَةٍ مَا، وَقُلْنَا بِأَنَّ اتِّفَاقَ مُجْتَهِدِي كُلِّ إِقْلِيمٍ إِجْمَاعٌ، عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ قَبْلُ «فَقِيلَ» : يَكُونُ قَوْلُ ذَلِكَ الْوَاحِدِ «حُجَّةً لِدَلِيلِ السَّمْعِ» وَهُوَ عِصْمَةُ الْأُمَّةِ، وَقَدِ انْحَصَرَتْ فِي هَذَا الْوَاحِدِ «وَقِيلَ» : لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُشْتَقٌّ مِنَ الِاجْتِمَاعِ، وَيُشْعِرُ بِمَعْنَاهُ، وَالِاجْتِمَاعُ مُنْتَفٍ فِي الْوَاحِدِ، إِذْ هُوَ لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا مِنِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا.
قُلْتُ: الْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ مَدْرَكَ الْإِجْمَاعِ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً ; هُوَ السَّمْعُ أَوِ الْعَقْلُ.
فَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ، فَقَوْلُ الْوَاحِدِ حُجَّةٌ، لِدِلَالَةِ السَّمْعِ عَلَى عِصْمَةِ الْأُمَّةِ، وَقَدِ انْحَصَرَتْ فِيهِ.
وَإِنْ قِيلَ بِالثَّانِي، لَمْ يَكُنْ حُجَّةً، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ إِنَّمَا كَانَ حُجَّةً لِدِلَالَةِ الْقَاطِعِ، فَهُوَ حُجَّةٌ لِذَلِكَ الْقَاطِعِ، لَا لِقَوْلِ الْأُمَّةِ وَعِصْمَتِهَا، وَقَوْلُ الْوَاحِدِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْقَاطِعِ، وَلَا تُحِيلُ الْعَادَةُ الْخَطَأَ عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّقْرِيرُ فِي كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً ; هُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي «الْبُرْهَانِ» . حَكَاهُ عَنْهُ الْقَرَافِيُّ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ دَلِيلَ الْإِجْمَاعِ سَمْعِيٌّ، وَالْعَقْلُ مُؤَكِّدٌ لَهُ، وَهُوَ إِحَالَةُ الْعَادَةِ خَطَأَ الْجَمِّ الْغَفِيرِ فِي حُكْمٍ لَا يَتَنَبَّهُ أَحَدٌ لِمَوْقِعِ الْخَطَأِ فِيهِ، وَأَنَّ النُّصُوصَ شَهِدَتْ بِعِصْمَةِ الْأُمَّةِ، فَلَا يَقُولُونَ إِلَّا حَقًّا، سَوَاءٌ اسْتَنَدُوا فِي قَوْلِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute