للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَابِعِي التَّابِعِينَ بِمُجْتَهِدِي التَّابِعِينَ كَذَلِكَ، وَهَلُمَّ جَرًّا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَلَا يَسْتَقِرَّ الْإِجْمَاعُ، لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ ثَابِتٌ مُسْتَقِرٌّ، مُحْتَجٌّ بِهِ فِي كُلِّ عَصْرٍ، بِاتِّفَاقِ أَهْلِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ.

قَوْلُهُ: «وَاللَّازِمَانِ بَاطِلَانِ» يَعْنِي اللَّازِمَيْنِ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، لِأَنَّهُمَا دَخَلَا فِي ضِمْنِ مُلَازَمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ: «لِأَنَّهُ لَوِ اشْتُرِطَ» يَعْنِي انْقِرَاضَ الْعَصْرِ «لَمَا صَحَّ احْتِجَاجُ التَّابِعِينَ» بِالْإِجْمَاعِ «وَلَامْتَنَعَ وُجُودُهُ أَصْلًا لِلتَّلَاحُقِ» فَامْتِنَاعُ وُجُودِ الْإِجْمَاعِ، وَعَدَمُ صِحَّةِ احْتِجَاجِ التَّابِعِينَ بِهِ عَلَى الصَّحَابَةِ لَازِمَانِ، لِاشْتِرَاطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ لَهُ، وَهَذَانِ اللَّازِمَانِ بَاطِلَانِ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ وُجِدَ، وَمَا امْتَنَعَ، وَاحْتِجَاجُ التَّابِعِينَ بِهِ عَلَى الصَّحَابَةِ قَدْ صَحَّ، وَمَا عُدِمَ، وَلَا انْتَفَى، وَإِذَا بَطَلَ اللَّازِمَانِ، بَطَلَ مَلْزُومُهُمَا، وَهُوَ اشْتِرَاطُ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ لِلْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

قَوْلُهُ: «وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ» أَيْ: فِي الْوَجْهِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ امْتِنَاعُ الْإِجْمَاعِ لِلتَّلَاحُقِ، وَصِحَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْخَصْمَ إِنَّمَا يَشْتَرِطُ انْقِرَاضَ عَصْرِ الْمُجْمِعِينَ، لَا مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ وَيَلْحَقُ بِهِمْ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، لَا يَلْزَمُ مِنْ تَلَاحُقِ الْمُجْتَهِدِينَ امْتِنَاعُ وُجُودِ الْإِجْمَاعِ أَصْلًا، فَلَمَّا انْقَرَضَ عَصْرُ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْهُمْ أَحَدٌ، اسْتَقَرَّ إِجْمَاعُهُمْ، وَصَحَّ، وَصَارَ حُجَّةً عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ ; وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مِائَةُ أَلْفِ مُجْتَهِدٍ قَدْ أَدْرَكَ الصَّحَابَةَ، لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي اسْتِقْرَارِ إِجْمَاعِهِمْ بِانْقِرَاضِهِمْ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>