. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إِجْمَاعِ التَّابِعِينَ مَعَ مَنْ بَعْدَهُمْ، وَهَلُمَّ جَرًّا، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِانْقِرَاضِ الْعَصْرِ، لِأَنَّ الْمُجْمِعِينَ يَنْقَرِضُونَ، وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُجْتَهِدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ.
وَأَبْلَغُ مِنْ هَذَا: أَنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ إِذَا أَجْمَعُوا عَلَى حُكْمٍ، ثُمَّ نَشَأَ مِنْهُمْ مُجْتَهِدٌ، لَمْ يَحْضُرْ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ، كَأَصَاغِرِ مُجْتَهِدِي الصَّحَابَةِ مَعَ أَكَابِرِهِمْ، لَمْ يُشْتَرَطْ فِي انْقِرَاضِ عَصْرِهِمِ انْقِرَاضُ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ اللَّاحِقِ لَهُمُ، الَّذِي لَمْ يَحْضُرُ مَعَهُمُ الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، بَلْ يَكْفِي فِي اسْتِقْرَارِ إِجْمَاعِهِمْ ذَلِكَ أَنْ يَنْقَرِضُوا هُمْ دُونَهُ.
وَهَذَا الْوَجْهُ يَحْتَجُّ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ، وَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ بِمَا ذَكَرْتُ. نَعَمْ هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ قَدْ يُسْتَدْرَكُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِطَ لِانْقِرَاضِ الْعَصْرِ، إِنَّمَا اشْتَرَطَهُ لِجَوَازِ وُقُوعِ الْإِجْمَاعِ عَنِ اجْتِهَادٍ، وَأَنَّ بَعْضَ الْمُجْمِعِينَ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ، وَيَظْهَرُ لَهُ دَلِيلُ الْخِلَافِ نَصًّا أَوِ اجْتِهَادًا صَحِيحًا، فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ.
وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي اللَّاحِقِ. وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ امْتِنَاعُ وُجُودِ الْإِجْمَاعِ أَصْلًا، لِلتَّلَاحُقِ كَمَا سَبَقَ.
قَالَ الْآمِدِيُّ: وَالْمُعْتَمَدُ يَعْنِي فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ أَنَّ الْمُجْمِعِينَ هُمْ كُلُّ الْأُمَّةِ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، فَكَانَ إِجْمَاعُهُمْ حُجَّةً لِمَا سَبَقَ مِنَ النُّصُوصِ.
قُلْتُ: حَتَّى عَلَى اللَّاحِقِ، فَلَا يَضُرُّ لُحُوقُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute