للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: لَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ لَمَا جَازَ لِلْمُجْتَهِدِ الرُّجُوعُ، كَعَلِيٍّ فِي بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ ; وَلَمَا كَانَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بَعْدَ اخْتِلَافِهِمْ إِجْمَاعًا لِتَعَارُضِ الْإِجْمَاعَيْنِ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَعَلَى تَسْوِيغِ الْأَخْذِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَاللَّازِمَانِ بَاطِلَانِ.

وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ: بِمَنْعِ رُجُوعِ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ، وَرُجُوعُ عَلِيٍّ أَنْكَرَهُ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ عَلَيْهِ، وَلَا حُجَّةَ فِي رُجُوعِهِ لِجَوَازِ ظَنِّهِ مَا ظَنَنْتُمْ.

وَعَنِ الثَّانِي: بِمَنْعِ أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ تَسْوِيغٌ لِلْأَخْذِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إِذْ كُلُّ طَائِفَةٍ تُخَطِّئُ الْأُخْرَى، وَتَحْصُرُ الْحَقَّ فِي جِهَتِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

قَوْلُهُ: «قَالُوا:» يَعْنِي الْمُشْتَرِطِينَ لِانْقِرَاضِ الْعَصْرِ احْتَجُّوا بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: «لَوْ لَمْ يُشْتَرَطِ» انْقِرَاضُ الْعَصْرِ «لَمَا جَازَ لِلْمُجْتَهِدِ الرُّجُوعُ» عَمَّا وَافَقَ عَلَيْهِ الْمُجْمِعِينَ، لِاسْتِقْرَارِ الْإِجْمَاعِ قَبْلَ رُجُوعِهِ، فَيَكُونُ مَحْجُوجًا بِهِ، لَكِنَّ ذَلِكَ قَدْ جَازَ، وَوَقَعَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ، وَبَيَانُ وُقُوعِهِ بِصُوَرٍ:

إِحْدَاهُنَّ: أَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا فِي زَمَنِ عُمَرَ عَلَى أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَلَا تُبَاعُ، ثُمَّ خَالَفَ عَلِيٌّ بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ، وَأَجَازَ بَيْعَهَا كَالْأَمَةِ، كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>