. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كَانَ حُكْمُهَا قَبْلَ إِجْمَاعِهِمْ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي خِلَافَتِهِ سَوَّى بَيْنَ النَّاسِ فِي قِسْمَةِ الْفَيْءِ، لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ، وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ، فَضَّلَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ فَضَائِلِهِمْ مِنْ: سَابِقَةِ هِجْرَةٍ، أَوْ غَنَاءٍ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ شَرَفٍ فِيهِ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ جَلَدَا شَارِبَ الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَهُ عُمَرُ ثَمَانِينَ، فَبَانَ بِهَذِهِ الصُّوَرِ أَنَّ لِلْمُجْتَهِدِ الرُّجُوعَ عَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ أَهْلِ عَصْرِهِ، وَيَلْزَمُ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ لَمْ يُشْتَرَطِ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ، لَمَا كَانَ اتِّفَاقُ الْمُجْمِعِينَ «عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ» فِي الْمَسْأَلَةِ «بَعْدَ اخْتِلَافِهِمْ» فِيهَا «إِجْمَاعًا» إِذْ يَلْزَمُ مِنْهُ تَعَارُضُ الْإِجْمَاعَيْنِ، وَهُوَ بَاطِلٌ، وَمَلْزُومُ الْبَاطِلِ بَاطِلٌ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: يَلْزَمُ مِنْهُ تَعَارُضُ الْإِجْمَاعَيْنِ ; لِأَنَّهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ ; فَاخْتِلَافُهُمْ فِيهَا إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى تَسْوِيغِ ذَلِكَ الْخِلَافِ، وَجَوَازِ الْأَخْذِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، فَإِذَا رَجَعُوا إِلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ، صَارَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَصَارَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى عَدَمِ تَسْوِيغِ الْخِلَافِ، وَعَدَمِ جَوَازِ الْأَخْذِ بِكُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، بَلْ حَصَرُوا الْحُكْمَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ مَا صَارُوا إِلَيْهِ آخِرًا، فَهَذَا الْإِجْمَاعُ الثَّانِي مُعَارِضٌ لِلْأَوَّلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute