. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَا إِجْمَاعَ مَعَ الْخِلَافِ " أَيِ: الْإِجْمَاعُ فَرْعُ مُسْتَنَدِهِ، وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَنَدُ مُخْتَلَفًا فِيهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْمُسْتَنَدُ إِلَيْهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ؟ وَكَيْفَ يُخْتَلَفُ فِي الْأَصْلِ، وَيُتَّفَقُ عَلَى الْفَرْعِ، وَالْفُرُوعُ تَابِعَةٌ لِأُصُولِهَا؟
قَوْلُهُ: " قُلْنَا: " أَيِ: الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّا إِذَا فَرَضْنَا الْكَلَامَ قَبْلَ وُقُوعِ الْخِلَافِ فِي الْقِيَاسِ، وَذَلِكَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُتَّفِقِينَ عَلَيْهِ، لَمْ يَرِدْ مَا ذَكَرْتُمْ، بَلْ يَكُونُ الْإِجْمَاعُ مُسْتَنِدًا إِلَى دَلِيلٍ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ.
وَإِنْ فَرَضْنَاهُ بَعْدَ حُدُوثِ الْخِلَافِ فِي الْقِيَاسِ، قُلْنَا: يَسْتَنِدُ أَهْلُ الْقِيَاسِ إِلَيْهِ، و" يَسْتَنِدُ الْمُخَالِفُ فِيهِ إِلَى مَدْرَكٍ " مِنْ مَدَارِكِ الِاجْتِهَادِ " لَا يَعْتَقِدُهُ قِيَاسًا " وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قِيَاسٌ، وَذَلِكَ مُتَصَوَّرٌ وَاقِعٌ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ مُنْكِرِي الْقِيَاسِ اسْتَنَدُوا إِلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ، وَسَمَّوْهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ، كَالتَّنْبِيهِ، وَتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ جَائِعٌ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قِيَاسٌ عَلَى الْغَضَبِ بِالْجَامِعِ الْمَعْرُوفِ، وَيَقُولُونَ: نَبَّهَ بِحَالَةِ الْغَضَبِ عَلَى حَالَةِ الْجُوعِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَحْوَالِ، وَالْحَنَفِيَّةُ مَعَ قَوْلِهِمْ: لَا قِيَاسَ فِي الْكَفَّارَاتِ، أَوْجَبُوا الْكَفَّارَةَ عَلَى الصَّائِمِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قِيَاسٌ عَلَى الْوَطْءِ، بِجَامِعِ الْإِفْسَادِ، وَقَالُوا: هَذَا تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ اعْتِبَارًا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ، لِعُمُومِ الْإِفْسَادِ، لَا لِخُصُوصِ الْجِمَاعِ، فَهَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِدَ الْمُخَالِفُ فِي الْقِيَاسِ عِنْدَ الْإِجْمَاعِ عَلَى مَا لَا يَعْتَقِدُهُ قِيَاسًا، وَهُوَ قِيَاسٌ، فَيَتَّحِدُ الْمُسْتَنَدُ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، أَوْ نَفْرِضُ أَنَّ الْمُخَالِفَ " يَظُنُّ الْقِيَاسَ غَيْرَ قِيَاسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute