. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كَالْعَكْسِ " أَيْ: كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ غَيْرَ الْقِيَاسِ قِيَاسًا كَالتَّنْقِيحِ، وَالتَّنْبِيهِ، وَمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ، كَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ الْقِيَاسَ غَيْرَ قِيَاسٍ، فَيَسْتَنِدُ إِلَيْهِ فِي الْإِجْمَاعِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ هَكَذَا وَقَعَ فِي " الْمُخْتَصَرِ ": " أَوْ يَظُنُّ الْقِيَاسَ غَيْرَ قِيَاسٍ " بَأَوْ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ ظَنَّ الْقِيَاسِ غَيْرَ قِيَاسٍ مُغَايِرٌ لِلِاسْتِنَادِ إِلَى مَدْرَكٍ لَا يَعْتَقِدُهُ قِيَاسًا، وَهُوَ قِيَاسٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَلَيْسَا مُتَغَايِرَيْنِ، بَلْ هُمَا وَاحِدٌ، فَإِنْ أُرِيدَ تَصْحِيحُهُ عَلَى مَا فِي " الرَّوْضَةِ " قِيلَ: بِالْوَاوِ، هَكَذَا: " إِلَى مَدْرَكٍ لَا يَعْتَقِدُهُ قِيَاسًا، وَيَظُنُّ الْقِيَاسَ غَيْرَ قِيَاسٍ كَالْعَكْسِ " لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنِّي وَقْتَ الِاخْتِصَارِ قَصَدْتُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا فِي " الرَّوْضَةِ " بِأَنَّ الْمُخَالِفَ فِي الْقِيَاسِ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِدَ إِلَى الْقِيَاسِ، وَلَا يَظُنَّهُ قِيَاسًا، أَوْ يَسْتَنِدَ إِلَى مَدْرَكٍ لَا يَعْتَقِدُهُ قِيَاسًا، وَلَا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قِيَاسٌ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ مَدْرَكِ الْإِجْمَاعِ فِي نَوْعِهِ، وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ كَأَنَّهُ حَافَظَ عَلَى اتِّحَادِ نَوْعِ الْمُسْتَنَدِ، فَلَمْ يَفْرِضْ إِلَّا أَنَّ الْمُخَالِفَ اسْتَنَدَ إِلَى قِيَاسٍ، وَاعْتَقَدَهُ غَيْرَ قِيَاسٍ كَالْعَكْسِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: " قَالُوا: ظَنِّيٌّ " أَيِ: احْتَجَّ الْمَانِعُونَ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَنِ الْقِيَاسِ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْقِيَاسَ " ظَنِّيٌّ " وَالْإِجْمَاعَ قَاطِعٌ، فَلَا يَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ، لِأَنَّ الضَّعِيفَ لَا يُثْبِتُ أَقْوَى مِنْهُ.
قَوْلُهُ: " قُلْنَا: " أَيْ: فِي الْجَوَابِ: إِنَّ هَذَا " بَاطِلٌ بِالْعُمُومِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ " وَهُمَا ظَنِّيَّانِ، وَيَثْبُتُ بِهِمَا الْإِجْمَاعُ، ثُمَّ يُقَالُ: مَا الْمُرَادُ بِقَوْلِكُمُ: الْقِيَاسُ ظَنِّيٌّ؟ إِنْ عَنَيْتُمْ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ، فَالْإِجْمَاعُ كَذَلِكَ، لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute