للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بِالْقَطْعِ فِيهِ لَيْسَ الْمَانِعَ مِنَ النَّقِيضِ عَقْلًا، وَإِنْ عَنَيْتُمْ أَنَّ مُسْتَنَدَ الْقِيَاسِ ظَنِّيٌّ، وَهُوَ النَّظَرُ فِي أَرْكَانِهِ: الْأَصْلِ، وَالْفَرْعِ، وَالْعِلَّةِ، وَالْحُكْمِ، فَمُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ كَذَلِكَ، وَهُوَ ظَوَاهِرُ الْكِتَابِ، وَأَخْبَارُ الْآحَادِ كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ عَنَيْتُمْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْفَرْقَ مَمْنُوعٌ فِي الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْقَطْعَ، فَلَا يَجُوزُ خِلَافُهُ.

الثَّانِي: أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْخِلَافِ إِنَّمَا حَصَلَ فِي الْإِجْمَاعِ مِنْ قِبَلِ ثُبُوتِ الْعِصْمَةِ لِلْأُمَّةِ، لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ دَلِيلًا، وَذَلِكَ أَمْرٌ خَارِجٌ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: " وَإِذَا تُصُوِّرَ، كَانَ حُجَّةً بِأَدِلَّةِ الْإِجْمَاعِ ". هَذَا جَوَابُ الْقَائِلِينَ: إِنَّ الْإِجْمَاعَ يُتَصَوَّرُ عَنِ الْقِيَاسِ وَلَا يَكُونُ حُجَّةً.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّهُ إِذَا تُصُوِّرَ الِاتِّفَاقُ عَنِ الْقِيَاسِ، كَانَ حُجَّةً بِأَدِلَّةِ الْإِجْمَاعِ السَّابِقَةِ، لِأَنَّهُ سَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَحْرُمُ خِلَافُهُ، وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَنَحْوِهِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ ظَاهِرٌ، وَهُوَ جَيِّدٌ مُنَاسِبٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

تَنْبِيهٌ: الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَنِ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ اخْتَلَفُوا فِي وُقُوعِهِ، فَالْمُثْبِتُونَ لِوُقُوعِهِ زَعَمُوا أَنَّ إِمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَقِتَالَ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَتَحْرِيمَ شَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَحَدَّ شَارِبِ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ، وَجَزَاءَ الصَّيْدِ، وَأُرُوشَ الْجِنَايَاتِ، وَنَفَقَةَ الْأَقَارِبِ ثَبَتَتْ بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>