. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَلْزَمُهُ دَلِيلُ» بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ؛ لِثُبُوتِهَا بِحَقِّ الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا تَلْزَمُ الْبَيِّنَةُ الْمُدَّعِيَ؛ لِدَعْوَاهُ خِلَافَ الْأَصْلِ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْحَقِّ بَعْدَ انْتِفَائِهِ، وَهَذَانَ الْوَجْهَانِ مَرْجِعُهُمَا أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ اسْتِغْنَاءُ مَا ثَبَتَ بِحَقِّ الْأَصْلِ عَنِ الدَّلِيلِ.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا:» إِلَى آخِرِهِ، أَيِ: الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرْتُمُوهُ: أَنَّ «الِاسْتِغْنَاءَ عَنِ الدَّلِيلِ لَا يُسْقِطُهُ» إِذَا قَامَ دَلِيلُ وُجُوبِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ بِمَا سَبَقَ، «وَتَعَذُّرُهُ مَمْنُوعٌ» . أَيْ: إِنِ ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّ الدَّلِيلَ مُتَعَذِّرٌ عَلَى النَّفْيِ مُطْلَقًا، أَوْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، مَنَعْنَا تَعَذُّرَهُ مُطْلَقًا بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ إِمْكَانِهِ بِبَيَانِ لُزُومِ الْمُحَالِ مِنَ الْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا «انْتِفَاءُ الدَّلِيلِ عَنِ» الْمَدْيُونِ، فَمَمْنُوعٌ أَيْضًا، إِذْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُنْكِرَ الدَّيْنِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، وَهُوَ الْيَمِينُ، وَهِيَ وَإِنْ قَصُرَتْ فِي الْقُوَّةِ عَنِ الْبَيِّنَةِ، لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا دَلِيْلًا، إِذِ الْأَدِلَّةُ مِنْهَا الْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ دَلِيلًا، فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الدَّلِيلَ إِنَّمَا سَقَطَ عَنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّا لَوْ كَلَّفْنَاهُ دَلِيلًا، لَكَانَ دَلِيلُهُ الْبَيِّنَةَ، كَمَا فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ إِنَّمَا تَصِحُّ شَهَادَتُهَا بِالْإِثْبَاتِ، فَلَوْ أَوْجَبْنَاهَا فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لَكَانَتْ شَهَادُتُهَا لَهُ بِالنَّفْيِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي قِبَلَهُ، لَكِنَّ «الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ بَاطِلَةٌ» ؛ لِجَوَازِ ثُبُوتِ الْحَقِّ فِي حَالِ نَوْمِهَا، أَوْ غَفْلَتِهَا، أَوْ غَيْبَتِهَا وَضَبْطِهَا لِلزَّمَانِ، بِحَيْثُ تَحَقَّقَ أَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مُتَعَذِّرٌ، فَسَقَطَ الدَّلِيلُ عَنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَاهُنَا لِتَعَذُّرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الدَّلِيلِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute