للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَطَرِيقُ الدَّلَالَةِ عَلَى النَّفْيِ بَيَانُ لُزُومِ الْمُحَالِ مِنَ الْإِثْبَاتِ وَنَحْوِهِ» أَيْ: إِذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّافِيَ يَلْزَمُهُ الدَّلِيلُ، فَطَرِيقُ الدَّلَالَةِ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ بَيَانُ لُزُومِ الْمُحَالِ مِنْ إِثْبَاتِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَزِمَ مِنْهُ الْمُحَالُ يَكُونُ مُحَالًا، فَإِذَا لَزِمَ الْمُحَالُ مِنَ النَّفْيِ كَانَ النَّفْيُ مُحَالًا، فَيَكُونُ الْإِثْبَاتُ حَقًّا، إِذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا.

مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: الْعَالَمُ لَيْسَ بِقَدِيمٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدِيِمًا لَلَزِمَ تَأْثِيرُ إِرَادَةِ الصَّانِعِ وَقُدْرَتِهِ فِيهِ، لَكِنَّ تَأْثِيرَ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ فِي الْقَدِيمِ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ أَثَرًا، وَكُلُّ أَثَرٍ مُحْدَثٍ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَنْقَلِبَ الْقَدِيمُ مُحْدَثًا، وَهُوَ مُحَالٌ، فَهَذَا الْمُحَالُ قَدْ لَزِمَ مِنْ إِثْبَاتِ قِدَمِ الْعَالَمِ، فَيَكُونُ مُحَالًا، وَإِذَا اسْتَحَالَ الْقِدَمُ، تَعَيَّنَ الْحُدُوثُ، إِذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ بِغَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ، عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقُ لِلْمُسْتَدِلِّ، وَيَسْنَحُ لِخَاطِرِهِ مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «قَالُوا:» إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: احْتَجَّ النَّافُونَ لِوُجُوبِ الدَّلِيلِ عَلَى النَّافِي بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ «النَّفْيَ أَصْلِيُّ الْوُجُودِ» يَعْنِي أَنَّهُ ثَابِتٌ بِالْأَصْلِ، إِذِ الْعَالَمُ عِبَارَةٌ عَمَّا سِوَى اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَكُلُّ شَيْءٍ يُسْتَدَلُّ عَلَى نَفْيِهِ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الْعَالَمِ، وَالْأَصْلُ فِي الْعَالَمِ الْعَدَمُ وَالِانْتِفَاءُ، وَإِذَا كَانَ الْعَدَمُ وَالِانْتِفَاءُ ثَابِتًا بِحَقِّ الْأَصْلِ، اسْتُغْنِيَ عَنْ إِقَامَةِ الدَّلِيلِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ «الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّيْنُ» أَيْ: مَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ «لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>