. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَعْصُومٍ، وَقَدْ وَجَبَ عَلَى الْعَامِّيِّ تَقْلِيدُهُ بِاتِّفَاقٍ، وَمُجْتَهِدُو الْأُمَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُجْتَهِدِي الصَّحَابَةِ كَالْعَامَّةِ مَعَ الْعُلَمَاءِ؛ لِاخْتِصَاصِهِمْ " بِحُضُورِ التَّنْزِيلِ، وَمَعْرِفَةِ التَّأْوِيلِ "، فَيَتَرَجَّحُونَ بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ الْمُجْتَهِدِينَ. " وَقَوْلُهُ " أَيْ: وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ " أَخَصُّ مِنَ الْعُمُومِ " وَأَقْوَى مِنَ الْقِيَاسِ، " فَيُقَدَّمُ " عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ تَقْدِيمُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَالْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَدَلِيلُ قُوَّةِ قَوْلِهِ أَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَوَاقِعَ الْأَدِلَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا، فَمَا خَالَفَ الْعَامَّ وَالْقِيَاسَ إِلَّا عَنْ حُجَّةٍ وَبَيِّنَةٍ.
قَوْلُهُ: " وَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ، لَمْ يَجُزْ لِلْمُجْتَهِدِ الْأَخْذُ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ "، إِلَى آخِرِهِ. أَيْ: إِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى قَوْلَيْنِ فَأَكْثَرَ، لَمْ يَجُزْ لِلْمُجْتَهِدِ مِنْ غَيْرِهِمُ الْأَخْذُ بِأَحَدِ الْأَقْوَالِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، وَأَجَازَ ذَلِكَ " بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَ " بَعْضُ " الْمُتَكَلِّمِينَ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يُنْكَرَ " ذَلِكَ الْقَوْلُ الْمَأْخُوذُ بِهِ عَلَى قَائِلِهِ.
" لَنَا " عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: " الْقِيَاسُ عَلَى تَعَارُضِ دَلِيلَيِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ " وَأَوْلَى، أَيْ: إِنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ لَا يَزِيدُ فِي الْقُوَّةِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَوْ تَعَارَضَ دَلِيلَانِ مِنْهُمَا، لَمْ يَجُزِ الْأَخْذُ بِأَحَدِهِمَا إِلَّا بِتَرْجِيحٍ وَنَظَرٍ، فَكَذَلِكَ أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ أَوْلَى.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ " خَطَأٌ قَطْعًا "؛ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِ الصَّوَابِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فِي جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَإِذَا كَانَ أَحَدُ قَوْلَيِ الصَّحَابَةِ خَطَأً، فَالطَّرِيقُ إِلَى تَمْيِيزِ الْخَطَأِ مِنَ الصَّوَابِ لَيْسَ إِلَّا الدَّلِيلُ.
قَوْلُهُ: " قَالُوا "، إِلَى آخِرِهِ. أَيِ: احْتَجَّ الْخَصْمُ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ بِأَحَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute