للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ اخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ " تَسْوِيغٌ لِلْأَخْذِ بِكُلِّ " وَاحِدٍ " مِنْهُمَا "، فَيَكُونُ الْأَخْذُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا جَائِزًا بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

الثَّانِي: أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجَعَ إِلَى قَوْلِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَرْكِ رَجْمِ الْمَرْأَةِ، يَعْنِي أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرَادَ أَنْ يَرْجُمَ امْرَأَةً حَامِلًا لِأَجْلِ الزِّنَى، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ بْنُ جَبَلٍ: إِنْ كَانَ لَكَ سَبِيلٌ عَلَيْهَا ; فَلَيْسَ لَكَ سَبِيلٌ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا، فَرَجَعَ عُمَرُ إِلَى قَوْلِهِ، وَأَخَّرَهَا حَتَّى وَضَعَتْ. فَرُجُوعُهُ إِلَى قَوْلِ مُعَاذٍ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ بِدُونِ أَنْ يَسْتَعْلِمَ رَأْيَ غَيْرِهِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى مَا قُلْنَاهُ.

قَوْلُهُ: " قُلْنَا "، أَيِ: الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرْتُمُوهُ.

أَمَّا عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: فَإِنَّ الصَّحَابَةَ بِاخْتِلَافِهِمْ عَلَى قَوْلَيْنِ " إِنَّمَا سَوَّغُوا الْأَخْذَ بِالْأَرْجَحِ " مِنْهُمَا، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي تَرْجِيحًا وَاجْتِهَادًا، لَا أَنَّهُمْ سَوَّغُوا الْأَخْذَ بِأَحَدِهِمَا تَشَهِّيًا مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ.

وَأَمَّا عَنِ الْوَجْهِ الثَّانِي، فَبِأَنَّ " رُجُوعَ عُمَرَ " إِلَى قَوْلِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إِنَّمَا كَانَ " لِظُهُورِ " رُجْحَانِهِ عِنْدَهُ، لَا أَنَّهُ أَخَذَ بُقُولِهِ تَقْلِيدًا وَتَشَهِّيًا، وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>