. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَنْهُ «لَا يُمْكِنُ النَّظَرُ فِيهِ لِتُسْتَبَانَ» ، أَيْ: لِتُخْتَبَرَ «صِحَّتُهُ مِنْ سَقَمِهِ» .
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْهَوَسُ بِالتَّحْرِيكِ طَرَفٌ مِنَ الْجُنُونِ.
قُلْتُ: وَهُوَ فِي عُرْفِ النَّاسِ: الْكَلَامُ الْخَالِي عَنْ فَائِدَةٍ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْآمِدِيُّ هَذَا التَّعْرِيفَ لِلِاسْتِحْسَانِ وَقَالَ: لَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ التَّمَسُّكِ بِمِثْلِ هَذَا إِذَا تَحَقَّقَ الْمُجْتَهِدُ كَوْنَهُ دَلِيلًا شَرْعِيًّا، وَإِنْ عَجَزَ عَنِ التَّعْبِيرِ عَنْهُ، وَإِنْ نُوزِعَ فِي إِطْلَاقِ اسْمِ الِاسْتِحْسَانِ عَلَيْهِ، عَادَ النِّزَاعُ إِلَى اللَّفْظِ.
قُلْتُ: رَجَعَ الْأَمْرُ فِي هَذَا إِلَى أَنَّهُ عَمَلٌ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَلَا نِزَاعَ فِي الْعَمَلِ بِهِ، كَمَا قَالَ، لَكِنْ مِنَ الْمَعْلُومِ بِالْوِجْدَانِ أَنَّ النُّفُوسَ يَصِيرُ لَهَا فِيمَا تُعَانِيهِ مِنَ الْعُلُومِ وَالْحِرَفِ مَلَكَاتٌ قَارَّةٌ فِيهَا تُدْرِكُ بِهَا الْأَحْكَامَ الْعَارِضَةَ فِي تِلْكَ الْعُلُومِ وَالْحِرَفِ، وَلَوْ كُلِّفَتِ الْإِفْصَاحَ عَنْ حَقِيقَةِ تِلْكَ الْمَعَارِفِ بِالْقَوْلِ، لَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا، وَقَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمُ ابْنُ الْخَشَّابِ فِي جَوَابِ الْمَسَائِلِ الْإِسْكَنْدَرَانِيَّاتِ، وَيُسَمِّي ذَلِكَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ وَغَيْرُهُمْ: دُرْبَةٌ، وَأَهْلُ التَّصَوُّفِ: ذَوْقًا، وَأَهْلُ الْفَلْسَفَةِ وَنَحْوُهُمْ: مَلَكَةً.
وَمِثَالُ ذَلِكَ الدَّلَّالُونَ فِي الْأَسْوَاقِ قَدْ صَارَ لَهُمْ دُرْبَةً بِمَعْرِفَةِ قِيَمِ الْأَشْيَاءِ لِكَثْرَةِ دَوَرَانِهَا عَلَى أَيْدِيهِمْ وَمُعَانَاتِهِمْ حَتَّى صَارُوا أَهْلَ خِبْرَةٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِمْ شَرْعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute