. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ «لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْعَامِّيِّ إِلَّا النَّظَرَ فِي أَدِلَّةِ الشَّرْعِ، فَحَيْثُ لَا نَظَرَ» ، أَيْ: فَإِذَا لَمْ يَنْضَمَّ إِلَى اسْتِحْسَانِهِ الْعَقْلِيِّ نَظَرٌ فِي أَدِلَّةِ الشَّرْعِ، «فَلَا فَرْقَ» إِذَنْ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْعَامِّيِّ، «وَيَكُونُ» ذَلِكَ مِنَ الْمُجْتَهِدِ «حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الْهَوَى، وَاتِبَاعًا لِلشَّهْوَةِ فِيهِ» ، أَيْ: فِي الْحُكْمِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ شَرْعًا؛ لِقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: ٢٦] ، وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مَرْيَمَ: ٥٩] .
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ تَعْرِيفِ الِاسْتِحْسَانِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَقْلِيًّا، أَوْ سَمْعِيًّا، أَيْ: مَعْلُومًا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ، وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ، فَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ تَعْرِيفِ الِاسْتِحْسَانِ بَاطِلٌ، أَمَّا بُطْلَانُ كَوْنِهِ عَقْلِيًّا أَوْ سَمْعِيًّا، فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَقْلِيًّا لَكَانَ إِمَّا ضَرُورِيًّا أَوْ نَظَرِيًّا، لَكِنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا، لِأّنَّ الضَّرُورِيَّاتِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْعُقَلَاءِ، وَلَا اشْتِرَاكَ فِيمَا ذَكَرُوهُ، وَلَيْسَ نَظَرِيًّا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لَيْسَ قَاطِعًا، وَإِلَّا لَكَانَ مُشْتَرَكًا، وَلَا مَظْنُونًا؛ إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فِي النَّظَرِ، وَلَوْ كَانَ سَمْعِيًّا، لَكَانَ إِمَّا تَوَاتُرًا، وَهُوَ مَفْقُودٌ، أَوْ آحَادًا وَهُوَ كَذَلِكَ، أَيْ: مَفْقُودٌ أَيْضًا كَالتَّوَاتُرِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَوَاتُرٌ وَلَا آحَادٌ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ فِيهِ دَلِيلًا سَمْعِيًّا آحَادًا، لَكِنَّ الْآحَادَ لَا تُفِيدُ فِي هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تُفِيدُ ظَنًّا مَا، وَالِاسْتِحْسَانُ أَصْلٌ قَوِيٌّ، فَلَا يَثْبُتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «وَآحَادُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute