. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الِاسْتِحْسَانُ حُجَّةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَفِي كَوْنِهِ حُجَّةً عِنْدَ أَحْمَدَ قَوْلَانِ، وَحَقِيقَتُهُ أَنَّهُ تَرْكُ قِيَاسٍ إِلَى قِيَاسٍ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ هُوَ الْعُدُولُ عَنْ مُوجِبِ الْقِيَاسِ إِلَى دَلِيلٍ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.
قُلْتُ: يَرْجِعُ حَاصِلُ الْأَمْرِ إِلَى أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ أَخَصُّ مِنَ الْقِيَاسِ مِنْ وَجْهٍ، وَأَعَمُّ مِنْهُ مِنْ وَجْهٍ. أَمَّا أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ، فَمِنْ جِهَةِ رُجْحَانِ مَصْلَحَتِهِ، وَكَوْنِهَا أَشَدَّ مُنَاسَبَةً فِي النَّظَرِ مِنْ مَصْلَحَةِ الْقِيَاسِ. وَأَمَّا أَنَّهُ أَعَمُّ ; فَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقِيَاسَ تَابِعٌ لِلْعِلَّةِ عَلَى الْخُصُوصِ، وَالِاسْتِحْسَانَ تَابِعٌ لِلدَّلِيلِ عَلَى الْعُمُومِ: نَصًّا، كَحَدِيثِ الْقَهْقَهَةِ، وَنَبِيذِ التَّمْرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، أَوْ إِجْمَاعًا، كَبَيْعِ الْمُعَاطَاةِ وَعَدَمِ تَقْدِيرِ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ؛ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَاسْتِدْلَالًا، كَقَوْلِهِمِ: الْقِيَاسُ فِي مَنْ قَالَ: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، فَأَنَا يَهُودِيٌّ. أَنْ لَا كَفَّارَةَ، لَكِنْ يَتَرَجَّحُ لُزُومُهَا لَهُ بِضَرْبٍ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ إِنَّمَا كَانَ لِلتَّعَرُّضِ بِهَتْكِ الْحُرْمَةِ، وَالتَّبَرُّؤِ مِنَ الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute