. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَعَالَى، هُوَ «قِيَاسٌ فِي الْعَقْلِيَّاتِ» الْقَطْعِيَّةِ، وَهُوَ إِثْبَاتُ التَّوْحِيدِ وَالْمَعَادِ، فَثُبُوتُ الْقِيَاسِ فِي السَّمْعِيَّاتِ الظَّنِّيَّةِ «أَجْوَزُ» ، أَيْ: أَوْلَى بِالْجَوَازِ، وَالْمُقَدِّمَتَانِ ظَاهِرَتَانِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْكُفَّارَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ أَنْكَرُوا الشَّرِيعَةَ، وَمِمَّا أَنْكَرُوهُ مِنْهَا أُصُولٌ مُهِمَّةٌ كِبَارٌ، وَهِيَ وُجُودُ الصَّانِعِ وَتَوْحِيدُهُ وَالْمَعَادُ، وَحَجَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ.
أَمَّا الَّذِينَ أَنْكَرُوا وُجُودَ الصَّانِعِ، وَهُمْ مُعَطِّلَةُ الْعَرَبِ وَغَيْرُهُمْ، فَاحْتَجَّ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَيْهِمْ بِحُجَجٍ تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ} [الطَّوْرِ: ٣٥ - ٣٦] ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ حُجَّتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ الْمُنْكِرِينَ لِلصَّانِعِ مَوْجُودُونَ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونُوا قُدَمَاءَ لَا أَوَّلَ لَهُمْ، أَوْ مُحْدَثَيْنِ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ يَعْتَرِفُونَ بِبُطْلَانِهِ، فَإِنَّهُمْ وُجِدُوا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُونُوا، فَتَعَيَّنَ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّهُمْ مُحْدَثُونَ. وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، أَيْ: مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ أَوَجَدَهُمْ، أَوْ أَنَّهُمْ خَلَقُوا أَنْفُسَهُمْ، أَوْ أَنَّ خَالِقًا غَيْرَهُمْ خَلَقَهُمْ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ، إِذْ لَا يُعْقَلُ فِي الشَّاهِدِ فِعْلٌ لَا فَاعِلَ لَهُ، وَلَا مُحْدَثٌ لَا مُحْدِثَ لَهُ، وَالثَّانِي بَاطِلٌ، إِذْ لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْقَلُ فِي الشَّاهِدِ وَلَا فِي غَيْرِهِ أَنْ شَيْئًا يُوجِدُ نَفْسَهُ لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ كَوْنَهُ مَوْجُودًا مَعْدُومًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُحَالٌ، فَتَعَيَّنَ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنَّ خَالِقًا غَيْرَهُمْ خَلَقَهُمْ، وَهُوَ الصَّانِعُ الْقَدِيمُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَدِيِمًا، لَلَزِمَ الدَّوْرُ أَوِ التَّسَلْسُلُ بِدَلِيلِهِ الْكَلَامِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute