للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنْكِرِينَ لِلصَّانِعِ لَمْ يَخْلُقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَطْعًا، وَهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَا قَدِيمَتَيْنِ، أَوْ مُحْدَثَتَيْنِ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِقِيَامِ سِمَاتِ الْحُدُوثِ بِهِمَا مِنَ الْحَرَكَاتِ، وَالسَّكَنَاتِ، وَالْأَلْوَانِ، وَالْأَكْوَانِ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الْأَنْعَامِ: ٧٦] . وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مُحْدَثَتَانِ ; فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا خُلِقَتَا مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ، أَوْ خَلَقَتَا أَنْفُسَهُمَا، أَوْ خَلَقَهُمَا غَيْرُهُمَا، وَالْأَوَّلُ وَالثَّانِي بَاطِلٌ بِمَا سَبَقَ، فَتَعَيَّنَ الثَّالِثُ كَمَا مَرَّ، وَلَيْسَ هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ قِيلَ فِي حَقِّهِمْ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لُقْمَانَ: ٢٥] ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ مُثْبِتَةٌ لِلصَّانِعِ، لَكِنَّهُمْ يُشْرِكُونَ، وَالَّذِينَ نَحْنُ فِي تَقْرِيرِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ مُعَطِّلَةٌ، وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ كَانَتَا فِي الْعَرَبِ عَلَى مَا حَكَاهُ الشَّهْرُسْتَانِيُّ فِي «الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ» وَعَلَى هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ حُجَجٌ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ يَطُولُ اسْتِيفَاؤُهَا.

وَأَمَّا الَّذِينَ أَنْكَرُوا التَّوْحِيدَ ; فَمِنْهُمْ مَنِ ادَّعَى الشَّرِيكَ، وَمِنْهُمْ مَنِ ادَّعَى الْوَلَدَ.

فَأَمَّا الَّذِينَ اعْتَقَدُوا الشَّرِيكَ، فَاحْتَجَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: دَلِيلُ التَّمَانُعِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الْأَنْبِيَاءِ: ٢٢] . الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [الْمُؤْمِنُونَ: ٩١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>