. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَتَقْرِيرُ الدَّلِيلِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَهٌ غَيْرُهُ، لَقَضَتِ الْعَادَةُ فِي الشَّاهِدِ أَنْ يَقْتَتِلَا أَوْ يَخْتَلِفَا عَلَى عَادَاتِ الْمُلُوكِ إِذَا تَنَازَعُوا الْمُلْكَ، فَكَانَ يَفْسُدُ الْعَالَمُ بِاخْتِلَافِهِمَا.
الثَّانِي: لَوْ كَانَ ثَمَّ إِلَهٌ آخَرُ، لَكَانَ خَالِقًا لِبَعْضِ الْعَالَمِ، فَكَانَ كُلٌّ وَاحِدٌ مِنَ الْإِلَهَيْنِ يَنْحَازُ بِمَخْلُوقِهِ، ثُمَّ يَطْلُبُ أَحَدُهُمَا الْعُلُوَّ عَلَى الْآخَرِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَظْهَرُ لِلْأَبْصَارِ أَوِ الْبَصَائِرِ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِ الدَّعْوَى.
وَثَمَّ وَجْهٌ ثَالِثٌ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ قِيَاسِ الشَّاهِدِ، بَلْ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الضِّدَّيْنِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ إِلَهٌ آخَرُ، لَكَانَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَامِلَ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ إِلَهًا. وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَرَادَ تَسْكِينَ جِسْمٍ، وَالْآخِرَ تَحْرِيكَهُ، أَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا إِعْدَامَهُ، وَالْآخَرُ إِيجَادَهُ، فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ مُرَادُهُمَا جَمِيعًا، فَهُمَا عَاجِزَانِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِإِلَهٍ، وَإِنْ تَمَّ مُرَادُهُمَا جَمِيعًا، لَزِمَ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ، وَإِنْ تَمَّ مُرَادُ أَحَدِهِمَا، فَهُوَ الْإِلَهُ، وَالْعَاجِزُ عَنْ تَمَامِ مُرَادِهِ لَيْسَ بِإِلَهٍ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مِنَ الِاحْتِجَاجِ عَلَى مُنْكِرِي التَّوْحِيدِ قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
{قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} [الْإِسْرَاءِ: ٤٢] ; رَدًّا لِزَعْمِ الْكُفَّارِ فِي قَوْلِهِمْ: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزُّمَرِ: ٣] ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ هَذَا الْوَجْهُ مُغَايِرًا لِمَا قَبْلَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute