. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: مِنَ الِاحْتِجَاجِ عَلَى مُعْتَقِدِي الشَّرِيكِ قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ} كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ [الرُّومِ: ٢٨] . وَتَقْرِيرُ الدَّلِيلِ مِنَ الْآيَةِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَكُمْ مِنْ عَبِيدِكُمْ شُرَكَاءُ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَمْلَاكِكُمْ ; كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - شُرَكَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، وَكَيْفَ تَرْضَوْنَ لِلَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِمَا تَأْنَفُونَ مِنْهُ لِأَنْفُسِكُمْ. فَهَذِهِ أَدِلَّةُ نَفْيِ الشَّرِيكِ الَّتِي اخْتَرْنَا ذِكْرَهَا، وَفِي الْقُرْآنِ غَيْرُهَا.
وَأَمَّا الَّذِينَ ادَّعَوُا الْوَلَدَ، فَاحْتَجَّ عَلَيْهِمْ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِآيَاتٍ: مِنْهَا قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} [النَّحْلِ: ٥٧ - ٥٩] ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزُّخْرُفِ: ١٦ - ١٨] ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [الصَّافَّاتِ: ١٥٣ - ١٥٤] ، {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} [الطَّوْرِ: ٣٩] ، {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النَّجْمِ: ٢١ - ٢٢] .
وَتَقْرِيرُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ وَنَحْوِهَا: أَنَّكُمْ أَيُّهَا الْكُفَّارُ تَسْتَحْيُونَ مِنْ حُصُولِ الْبَنَاتِ لَكُمْ، حَتَّى أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا بُشِّرَ بِأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ لَهُ بِنْتٌ ارْبَدَّ وَجْهُهُ، وَنَكَّسَ رَأْسَهُ، وَحَزِنَ، وَخَجِلَ، وَذَهَبَ فَوَأَدَهَا، أَيْ: دَفَنَهَا حَيَّةً لِئَلَّا يَلْحَقَهُ الْعَارُ بِبَقَائِهَا، فَكَيْفَ تَرْضَوْنَ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مَا تَكْرَهُونَهُ لِأَنْفُسِكُمْ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ؟ وَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنَ الْمُسْتَقْبَحَاتِ الضَّرُورِيَّةِ فِي الشَّاهِدِ، إِذْ هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute