. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«لِأَنَّا نَقُولُ» فِي جَوَابِ هَذَا السُّؤَالِ: «مُجَرَّدُ» جَوَازِ ذَلِكَ، أَعْنِي النَّصَّ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ «لَا يَكْفِي» فِي إِثْبَاتِهِ، وَوُقُوعُهُ مُنْتَفٍ، «إِذْ أَكْثَرُ الْحَوَادِثِ» وَالْوَقَائِعِ «لَمْ يُنَصَّ عَلَى مُقَدِّمَاتِهَا» ، وَالْجَوَازُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ، وَحِينَئِذٍ اقْتَضَى الْعَقْلُ وَحِكْمَةُ الشَّرْعِ وَضْعَ طَرِيقٍ «لِتَعْمِيمِ الْحَوَادِثِ بِالْأَحْكَامِ. وَهِيَ مَا ذَكَرْنَا» مِنَ الْقِيَاسِ.
الْوَجْهُ «السَّادِسُ: قَوْلُ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، فَصُوِّبَ» .
هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ وَهُوَ مَا رَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ أَخِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَقْضِي؟ قَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لَا نَعْرِفْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي بِمُتَّصِلٍ.
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ مُعَاذًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَكَرَ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْقِيَاسِ، فَصَوَّبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَيْ: أَخْبَرَ بِتَصْوِيبِهِ وَتَوْفِيقِهِ فِي ذَلِكَ، وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يُصَوِّبُ إِلَّا صَوَابًا، وَلَا يُقِرُّ إِلَّا عَلَى حَقٍّ.
قَوْلُهُ: «لَا يُقَالُ» ، هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْحَدِيثِ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ «رُوَاتَهُ مَجْهُولُونَ» ، وَهُمْ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، أَوْ أُنَاسٍ مَنْ أَهْلِ حِمْصَ، وَرِوَايَةُ الْمَجْهُولِ اخْتُلِفَ فِي الْعَمَلِ بِهَا فِي جُزْئِيَّاتِ الْفُرُوعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute