. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَكَيْفَ يُعْمَلُ بِهَا فِي إِثْبَاتِ هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ وَالْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ؟
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ، لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِهِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِلَفْظِ الِاجْتِهَادِ، فَقَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، وَ «الْمُرَادُ» بِهِ «تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ» كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ.
قَوْلُهُ: «لِأَنَّا نَقُولُ» ، أَيِ: الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرْتُمْ:
أَمَّا عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَلِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ «رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ جَيِّدٍ» ، وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ، عَنْ مُعَاذٍ، فَزَالَتِ الْجَهَالَةُ عَنْهُ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمَجْهُولِ، لَكِنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا، لَكِنْ تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ، فَلَا يَضُرُّهُ الْإِرْسَالُ.
وَأَمَّا عَنِ الْوَجْهِ الثَّانِي: فَنَقُولُ: لَا يَصِحُّ حَمْلُ اجْتِهَادِهِ رَأْيَهُ عَلَى تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِاجْتِهَادَ أَعَمُّ مِنْ تَنْقِيحِ الْمُنَاطِ، فَحَمْلُهُ عَلَيْهِ تَخْصِيصٌ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ.
الثَّانِي: أَنَّ تَنْقِيحَ الْمَنَاطِ يَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ نَصٌّ يَتَنَقَّحُ الْمَنَاطُ فِيهِ كَمَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ، وَمُعَاذٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَخْبَرَ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا جَوَابٌ قَوِيٌّ مَتِينٌ، فَإِنْ سَاعَدَهُ ثُبُوتُ الْحَدِيثِ وَصِحَّتُهُ، نَهَضَ بِالدَّلَالَةِ وَإِلَّا فَلَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute