للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لِأَنَّ النِّزَاعَ لَيْسَ فِي اسْتِيعَابِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لِجُزْئِيَّاتِ الْمَوْجُودَاتِ وَكُلِّيَّاتِهَا، إِنَّمَا النِّزَاعُ فِي اسْتِيعَابِ الْقُرْآنِ لِذَلِكَ، بِحَيْثُ يُسْتَغْنَى مَعَهُ عَنِ الْقِيَاسِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي الْمُرَادِ بِالْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَا إِشْكَالَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ الْقُرْآنُ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيِهِ نِظَامُ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، هُوَ خَاصٌّ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِيهَا مَنَافِعُ الْمُخَاطَبِينَ وَطَرِيقُ هِدَايَتِهِمْ. وَذَكَرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} ، أَيْ: مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الشَّرْعِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْمِلَّةِ، كَالْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ، وَالدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّخْوِيفِ مِنْ عَذَابِهِ. قَالَ: هَذَا حَصْرُ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمُفَسِّرِينَ.

قُلْتُ: وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا قُلْنَاهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي جُزْئِيَّاتِ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ الَّتِي تَثْبُتُ بِالْأَقْيِسَةِ مَا لَا ضَرُورَةَ بِتَحَقُّقِ الْمِلَّةِ إِلَيْهِ، بَلْ يَحْصُلُ اتِّبَاعُ الْمِلَّةِ بِدُونِهَا بَلْ جَمِيعُ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ تَتَحَقَّقُ الْمِلَّةُ بِدُونِهَا، إِذْ مَنْ أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ مُخْلِصًا مَعَ الْتِزَامِهِ أَحْكَامَ الْمِلَّةِ اعْتِقَادًا، ثُمَّ لَمْ يَأْتِ بِفَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ، كَانَ لَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ فِي عَدَمِ الْخُلُودِ فِي النَّارِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُسْلِمِينَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الْخُصُوصُ.

قَوْلُهُمُ: الْحُكْمُ بِالْقِيَاسِ لَيْسَ حُكْمًا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا رَدًّا إِلَى اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>