للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالرَّسُولِ.

قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ، بَلْ «الْحُكْمُ بِالْقِيَاسِ» حُكْمٌ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَ «رَدٌّ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ، إِذْ عَنْهُمَا تَلَقَّيْنَا دَلِيلَهُ» ، أَيْ: دَلِيلُ الْقِيَاسِ، كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ مِنْ دَلَائِلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ لَهُمْ: «قَالُوا: بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ» مِنَ التَّكَالِيفِ «مَعْلُومَةٌ» عَمَلًا بِمُوجِبِ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ، وَالْقِيَاسُ مَظْنُونٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ، «فَكَيْفَ تُرْفَعُ» الْبَرَاءَةُ الْمَعْلُومَةُ «بِالدَّلِيلِ الْمَظْنُونِ» ؟

وَالْجَوَابُ: إِنَّ هَذَا «لَازِمٌ» لَكُمْ «فِي الْعُمُومِ، وَخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالشَّهَادَةِ» ، فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا إِنَّمَا تُفِيدُ الظَّنَّ، وَقَدْ رَفَعْنَا بِهَا الْبَرَاءَةَ الْأَصْلِيَّةَ بِاتِّفَاقٍ. وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى جِهَةِ الْمُنَاقَضَةِ الْجَدَلِيَّةِ وَالْإِلْزَامِ. أَمَّا التَّحْقِيقُ فِي الْجَوَابِ، فَهُوَ أَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ مَشْرُوطًا فِي التَّكَالِيفِ الْعَمَلِيَّةِ، بَلْ حُصُولُ الظَّنِّ فِيهِ كَافٍ ثُبُوتًا وَزَوَالًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي نَسْخِ التَّوَاتُرِ بِالْآحَادِ.

وَحِينَئِذٍ نَقُولُ: الْكَافِي فِي الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ هُوَ الظَّنُّ، وَلَهُ رَفْعُ الْقِيَاسِ الْمَظْنُونِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْمَظْنُونَةِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى الظَّنِّ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَوُجُودُهَا كَالْعَدَمِ. وَهَذَا كَمَا قِيلَ: إِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ هُوَ الطَّرْدُ دُونَ الْعَكْسِ، فَوُجُودُهُ كَالْعَدَمِ، لَكِنَّهُ تَرَجَّحَ بِهِ عِنْدَ التَّعَارُضِ.

الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: «قَالُوا: شَأْنُ شَرْعِنَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَاتِ وَعَكْسُهُ» يَعْنِي الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُخْتَلَفَاتِ «نَحْوُ: غَسْلِ بَوْلِ الْجَارِيَةِ دُونَ بَوْلِ الْغُلَامِ، وَالْغُسْلِ مِنَ الْمَنِيِّ وَالْحَيْضِ دُونَ الْمَذْيِ وَالْبَوْلِ» مَعَ اسْتِوَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي كَوْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>