للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جَمِيعَ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْقِيَاسَيْنِ، وَالْخِلَافُ فِي الْقِيَاسِ مَعَ جَمِيعِهِمْ، فَلِلْمُجْتَهِدِ مِنْهُمْ أَنْ يَلْتَزِمَ الْفَرْقَ فِي الْجَمِيعِ، أَوِ التَّسْوِيَةَ فِي الْجَمِيعِ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ السُّؤَالُ.

وَأَمَّا إِيجَابُ الْكَفَّارَةِ بِأَسْبَابِهَا الْمَذْكُورَةِ، فَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنَعَ جَرَيَانَ الْقِيَاسِ فِيهَا لِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا وَمَقَادِيرِهَا، وَأَجَازَهُ فِي غَيْرِهَا. وَمَنْ أَجْرَى الْقِيَاسَ فِي الْكَفَّارَاتِ، فَإِنَّمَا أَجْرَاهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَنَاطُ الْحُكْمِ، وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْقِيَاسِ. وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الْإِجْمَالِيُّ الَّذِي سَبَقَ، مَعَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ إِمَّا جُبْرَانٌ أَوْ عُقُوبَةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِعَ عَلِمَ أَنَّ كَفَّارَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ يُكَافِئُهُ جَبْرًا أَوْ زَجْرًا، فَشَرَعَهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَدْلٌ، وَهَذَا مِنَ الْعَدْلِ، وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي وُجُوبِ قَتْلِ الزَّانِي وَالْقَاتِلِ وَنَحْوِهِ مَعَ اخْتِلَافِ جِنَايَاتِهِمْ، فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى أَنَّ مَفْسَدَةَ أَدْنَى هَذِهِ الْجِنَايَاتِ تُوجِبُ الْقَتْلَ، وَسَقَطَ الزَّائِدُ مِنَ الْمَفْسَدَةِ فِيمَا فَوْقَهُ مِنَ الْجِنَايَاتِ تَفَضُّلًا أَوْ تَعَذُّرًا؛ إِذْ لَا عُقُوبَةَ وَرَاءَ الْقَتْلِ، مَعَ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ اتِّحَادَ كَيْفِيَّةَ الْقَتْلِ فِيهِمْ، بَلِ الْقَاتِلُ يُفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ بِمُوجِبِ الْعَدْلِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ، وَالزَّانِي إِنْ كَانَ بِكْرًا، فَلَا قَتْلَ عَلَيْهِ، بَلْ عَلَيْهِ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ، فَإِنْ مَاتَ فِي الْجَلْدِ، فَزُهُوقُهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِلشَّرْعِ، وَإِنْ كَانَ ثَيِّبًا، فَيُجْلَدُ، وَيُرْجَمُ حَتَّى يَمُوتَ، وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْأَلَمِ وَالتَّعْذِيبِ أَضْعَافُ مَا فِي الْقَتْلِ بِالسَّيْفِ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ أَعْظَمُ مِنْ جِنَايَةِ الْقَتْلِ، وَجِنَايَةُ الْكَافِرِ، وَإِنْ كَانَتْ أَعْظَمَ ; غَيْرَ أَنَّ الْقَتْلَ بِالْكُفْرِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَيَفْضُلُ بِتَرْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>