للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زِيَادَةِ التَّعْذِيبِ وَالْمُثْلَةِ بِالرَّجْمِ وَنَحْوِهِ.

وَالْقَتْلُ بِالزِّنَى، إِمَّا حَقُّ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ بِهَتْكِ الْعِرْضِ، وَتَضْيِيعِ النَّسَبِ، أَوْ أَنَّهُ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ غَلَبَ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ لِذَلِكَ فَجُعِلَ كُفْئًا لِسَبَبِهِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَجْزِئُكَ وَلَا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَكَ فَقَدْ بَيَّنْتُ وَجْهَهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ فِي «مُخْتَصَرِ» التِّرْمِذِيِّ، وَلَمْ أَنْشَطْ هَاهُنَا لِتَقْرِيرِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الْأَحْزَابِ: ٥٠] ، فَإِنَّ فَضِيلَةَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى غَيْرِهِمْ مَعْلُومَةٌ بِالِاضْطِرَارِ، وَذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِتَخْصِيصِهِمْ بِمَا شَاءَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يُكْرِمَهُمْ بِهِ، وَكَوْنُهُمْ جَمِيعًا أَنَاسِيَّ مُكَلَّفِينَ لَا يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ فِي كُلِّ حُكْمٍ، وَلَا يَمْنَعُ تَفْضِيلَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَوْ سَاغَ ذَلِكَ، لَلَزِمَ الْقَدْحُ فِي النُّبُوَّاتِ بِأَنْ يُقَالَ: كُلُّ النَّاسِ أَنَاسِيُّ فَكَيْفَ يَخْتَصُّ بِالْمُعْجِزِ النَّبِيُّ؟ . وَهَذِهِ شُبْهَةُ الْكُفَّارِ حَيْثُ قَالُوا: {مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} [يس: ١٥] ، {أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} [الْقَمَرِ: ٢٤] ، {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: ٣٤] .

فَإِنْ قِيلَ: الْمُعْجِزُ وَالنُّبُوَّةُ مَوْهِبَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، خُصُّوا بِهَا بِحُكْمِ الْإِرَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ، فَإِنْ قُلْتُمْ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمِحَالِّهَا دُونَ نَظَائِرِهَا كَذَلِكَ، صَحَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ بُطْلَانِ الْقِيَاسِ.

قُلْنَا: النُّبُوَّةُ مَوْهِبَةٌ لِغَيْرِ مَعْنًى أَوْ لِمَعْنًى مُنَاسِبٍ، الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ، وَالثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>