للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَيُقَالُ: الْعَبْدُ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ، فَلَا يُقْتَلُ بِهِ الْحُرُّ كَالْمُكَاتَبِ، «فَيَقُولُ الْخَصْمُ» الْمُعْتَرِضُ: «الْعَبْدُ يُعْلَمُ مُسْتَحِقُّ دَمِهِ» وَهُوَ السَّيِّدُ «بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ» ، أَيْ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عِلَّةَ امْتِنَاعِ الْقِصَاصِ فِي الْمُكَاتَبِ كَوْنُهُ مَنْقُوصًا بِالرِّقِّ، بَلْ كَوْنُهُ لَا يُعْلَمُ مَنْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِدَمِهِ هَلْ وَارِثُهُ أَوْ سَيِّدُهُ الَّذِي كَاتَبَهُ؟ لِأَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ صَارَ فِيهِ شَيْئًا بَيْنَ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي أَحْكَامِهِ، فَبِتَقْدِيرِ أَنْ يُؤَدِّيَ يُعْتَقُ، وَيَكُونُ مُسْتَحِقُّ دَمِهِ وَارِثَهُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ يَعُودُ رَقِيقًا، وَيَكُونُ مُسْتَحِقُّ دَمِهِ سَيِّدَهُ كَسَائِرِ الْعَبِيدِ، فَإِنْ سَلَّمَ الْمُسْتَدِلُّ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمُكَاتَبِ هِيَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِمُسْتَحِقِّ دَمِهِ كَمَا قَالَ الْمُعْتَرِضُ، امْتَنَعَ قِيَاسُ الْعَبْدِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ دَمِهِ مَعْلُومٌ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ أَنَّ الْعِلَّةَ ذَلِكَ بَلْ هِيَ نَقْصُ الرِّقِّ، مَنَعَ الْمُعْتَرِضُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْعِلَّةُ فِي الْمُكَاتَبِ، بَلْ هِيَ مَا ذَكَرَهُ، أَوْ مَنَعَ الْحُكْمَ فِيهِ، فَيَقُولُ: سَلَّمْتُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمُكَاتَبِ نَقْصُ الرِّقِّ، لَكِنْ لَا أُسَلِّمُ امْتِنَاعَ الْقِصَاصِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ، فَالْأَمْرُ دَائِرٌ بَيْنَ مَنْعِ الْعِلَّةِ فِي الْمُكَاتَبِ أَوْ مَنْعِ الْحُكْمِ.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ لَوْ قِيلَ فِي قَتْلِ الْمُرْتَدَّةِ: إِنْسَانٌ بَدَّلَ دِينَهُ، فَيُقْتَلُ كَالْمُرْتَدِّ، فَيَقُولُ الْخَصْمُ: لَا أُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي قَتْلِ الْمُرْتَدِّ تَبْدِيلُ الدِّينِ، وَإِنَّمَا هِيَ جِنَايَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِتَنْقِيصِ عَدَدِهِمْ، وَإِعَانَةِ عَدُوِّهُمْ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الْمَرْأَةِ، إِذْ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْإِعَانَةِ وَالنِّكَايَةِ، فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>